صنعاء

صنعاء

صنعاء

14 ديسمبر 2025 صنعاء القديمة مدونة صنعاء, معجم البلدان

صَنْعَاءُ

منسوبة إلى جودة الصنعة في ذاتها، كقولهم: امرأة حسناء و عجزاء و شهلاء، و النسبة إليها صنعانيّ‌ على غير قياس كالنسبة إلى بهراء بهراني، و صنعاء: موضعان أحدهما باليمن، و هي العظمى، و أخرى قرية بالغوطة من دمشق، و نذكر أوّلا اليمانية ثمّ‌ نذكر الدمشقية و نفرق بين من نسب إلى هذه و هذه، فأما اليمانية فقال أبو القاسم الزجاجي: كان اسم صنعاء في القديم أزال، قال ذلك الكلبي و الشّرقي و عبد المنعم، فلمّا وافتها الحبشة قالوا نعم نعم فسمّي الجبل نعم أي انظر، فلمّا رأوا مدينتها وجدوها مبنية بالحجارة حصينة فقالوا هذه صنعة و معناه حصينة فسمّيت صنعاء بذلك، و بين صنعاء و عدن ثمانية و ستون ميلا، و صنعاء قصبة اليمن و أحسن بلادها، تشبّه بدمشق لكثرة فواكهها و تدفق مياهها فيما قيل، و قيل: سميت بصنعاء بن أزال بن يقطن بن عابر بن شالخ و هو الذي بناها، و طول صنعاء ثلاث و ستون درجة و ثلاثون دقيقة، و عرضها أربع عشرة درجة و ثلاثون دقيقة، و هي في الإقليم الأوّل، و قيل: كانت تسمى أزال، قال ابن الكلبي: إنما سميت صنعاء لأن و هرز لما دخلها قال: صنعة صنعة، بريد أن الحبشة أحكمت صنعتها، قال: و إنّما سميت باسم الذي بناها و هو صنعاء بن أزال بن عبير بن عابر بن شالخ فكانت تعرف بأزال و تارة بصنعاء، و قال مجاهد في قوله تعالى: غُدُوُّهٰا شَهْرٌ وَ رَوٰاحُهٰا شَهْرٌ ، كان سليمان، عليه السلام، يستعمل الشياطين بإصطخر و يعرضهم بالريّ‌ و يعطيهم أجورهم بصنعاء فشكوا أمرهم إلى إبليس فقال: عظم البلاء و قد حضر الفرج، و قال عمارة بن أبي الحسن: ليس بجميع اليمن أكبر و لا أكثر مرافق و أهلا من صنعاء، و هو بلد في خط‍‌ الاستواء، و هي من الاعتدال من الهواء بحيث لا يتحوّل الإنسان من مكان طول عمره صيفا و لا شتاء، و تتقارب بها ساعات الشتاء و الصيف، و بها بناء عظيم قد خرب، و هو تلّ‌ عظيم عال و قد عرف بغمدان، و قال معمر: وطئت أرضين كثيرة شاما و خراسان و عراقا فما رأيت مدينة أطيب من صنعاء، و قال محمد بن أحمد الهمداني الفقيه: صنعاء طيبة الهواء كثيرة الماء يقال إن أهلها يشتون مرتين و يصيّفون مرّتين و كذلك أهل فران و مأرب و عدن و الشحر، و إذا صارت الشمس إلى أوّل الحمل صار الحر عندهم مفرطا، فإذا صارت إلى أوّل السرطان و زالت عن سمت رؤوسهم أربعة و عشرين شتوا ثمّ‌ تعود الشمس إليهم إذا صارت إلى أول الميزان فيصيّفون ثانية و يشتدّ الحرّ عليهم، فإذا زالت إلى الجنوب و صارت إلى الجدي شتوا ثانية غير أن شتاءهم قريب من صيفهم، قال: و كان في ظفار و هي صنعاء، كذا قال، و ظفار مشهورة على ساحل البحر، و لعلّ‌ هذه كانت تسمّى بذلك، قريب من القصور قصر زيدان، و هو قصر المملكة، و قصر شوحطان، و قصر كوكبان، و هو جبل قريب منها، و قد ذكر في موضعه، قال: و كان لمدينة صنعاء تسعة أبواب، و كان لا يدخلها غريب إلاّ بإذن، كانوا يجدون في كتبهم أنها تخرب من رجل يدخل من باب لها يسمّى باب حقل فكانت عليه أجراس متى حركت سمع صوت الأجراس من الأماكن البعيدة، و كانت مرتبة صاحب الملك على ميل من بابها، و كان من دونه إلى الباب حاجبان بين كلّ‌ واحد إلى صاحبه رمية سهم، و كانت له سلسلة من ذهب من عند الحاجب إلى باب المدينة ممدودة و فيها أجراس متى قدم على الملك شريف أو رسول أو بريد من بعض العمال حركت السلسلة فيعلم الملك بذلك فيرى رأيه، و قال أبو محمد اليزيدي يمدح صنعاء و يفضلها على غيرها و كان قد دخلها: قلت و نفسي جمّ‌ تأوّهها تصبو إلى أهلها و أندهها: سقيا لصنعاء! لا أرى بلدا أوطنه الموطنون يشبهها خفضا و لينا، و لا كبهجتها، أرغد أرض عيشا و أرفهها يعرف صنعاء من أقام بها أعذى بلاد عذا و أنزهها ما أنس لا أنس ما فجعت به يوما بنا إبلها تجهجهها فصاح بالبين ساجع لغب، و جاهرت بالشّمات أمّهها ضعضع ركني فراق ناعمة في ناعمات تصان أوجهها كأنّها فضّة مموّهة أحسن تمويهها مموّهها نفس بين الأحباب والهة، و شحط‍‌ ألاّفها يولّهها نفى عزائي و هاج لي حزني، و النّفس طوع الهوى ينفهها كم دون صنعاء سملقا جددا ينبو بمن رامها معوّهها أرض بها العين و الظّباء معا فوضى مطافيلها و ولّهها كيف بها، كيف و هي نازحة، مشبّه تيهها و مهمهها و بنى أبرهة بصنعاء القليس و أخذ الناس بالحجّ‌ إليه و بناه بناء عجيبا، و قد ذكر في موضعه، و قدم يزيد ابن عمرو بن الصّعق صنعاء و رأى أهلها و ما فيها من العجائب، فلمّا انصرف قيل له: كيف رأيت صنعاء؟ فقال: و من ير صنعاء الجنود و أهلها، و جنود حمير قاطنين و حميرا يعلم بأنّ‌ العيش قسّم بينهم، حلبوا الصفاء فأنهلوا ما كدّرا و يرى مقامات عليها بهجة يأرجن هنديّا و مسكا أذفرا و يروى عن مكحول أنّه قال: أربع من مدن الجنة: مكّة و المدينة و إيلياء و دمشق، و أربع من مدن النار: أنطاكية و الطوانة و قسطنطينية و صنعاء، و قال أبو عبيد: و كان زياد بن منقذ العدوي نزل صنعاء فاستوبأها و كان منزله بنجد في وادي أشيّ‌ فقال يتشوق بلاده: لا حبّذا أنت يا صنعاء من بلد، و لا شعوب هوى مني و لا نقم و حبّذا حين تمسي الرّيح باردة وادي أشيّ‌ و فتيان به هضم مخدّمون كرام في مجالسهم، و في الرّحال إذا صحبتهم خدم الواسعون إذا ما جرّ غيرهم على العشيرة، و الكافون ما جرموا ليست عليهم إذا يغدون أردية إلاّ جياد قسيّ‌ النّبع و اللّجم لم ألق بعدهم قوما فأخبرهم إلاّ يزيدهم حبّا إليّ‌ هم يا ليت شعري عن جنبي مكشّحة و حيث تبنى من الحنّاءة الأطم عن الأشاءة هل زالت مخارمها، و هل تغيّر من آرامها إرم‌؟ يا ليت شعري! متى أغدو تعارضني جرداء سابحة أم سابح قدم نحو الأميلح أو سمنان مبتكرا في فتية فيهم المرّار و الحكم من غير عدم و لكن من تبذّلهم للصّيد حين يصيح الصائد اللّحم فيفزعون إلى جرد مسحّجة أفنى دوابرهنّ‌ الركض و الأكم يرضخن صمّ‌ الحصى في كل هاجرة كما تطايح عن مرضاخه العجم و هي أكثر من هذا و إنّما ذكرت ما ذكرت منها و إن لم يكن فيها من ذكر صنعاء إلاّ البيت الأوّل استحسانا لها و إيفاء بما شرط‍‌ من ذكر ما يتضمن الحنين إلى الوطن و لكونها اشتملت على ذكر عدة أماكن، و قد نسب إلى ذلك خلق و أجلّهم قدرا في العلم عبد الرزاق ابن همّام بن نافع أبو بكر الحميري مولاهم الصنعاني أحد الثقات المشهورين، قال أبو القاسم: قدم الشام تاجرا و سمع بها الأوزاعي و سعيد بن عبد العزيز و سعيد بن بشير و محمد بن راشد المكحولي و إسماعيل ابن عباس و ثور بن يزيد الكلاعي و حدّث عنهم و عن معمّر بن راشد و ابن جريج و عبد اللّه و عبيد اللّه ابني عمرو بن مالك بن أنس و داود بن قيس الفرّاء و أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة و عبد اللّه بن زياد بن سمعان و إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى و أبي معشر نجيح السندي و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم و معتمر بن سليمان التيمي و أبي بكر بن عباس و سفيان الثوري و هشيم بن بشير الواسطي و سفيان بن عيينة و عبد العزيز ابن أبي زياد و غير هؤلاء، روى عنه سفيان بن عيينة، و هو من شيوخه، و معتمر بن سليمان، و هو من شيوخه، و أبو أسامة حمّاد بن أسامة و أحمد بن حنبل و يحيى ابن معين و إسحاق بن راهويه و محمد بن يحيى الذّهلي و عليّ‌ بن المديني و أحمد بن منصور الرّمادي و الشاذكوني و جماعة وافرة و آخرهم إسحاق بن إبراهيم الدبري، و كان مولده سنة 126، و لزم معمّرا ثمانين سنة، قال أحمد بن حنبل: أتينا عبد الرزاق قبل المائتين و هو صحيح البصر، و من سمع منه بعد ما ذهب بصره فهو ضعيف الإسناد، و كان أحمد يقول: إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق، و قال أبو خيثمة زهير بن حرب: لما خرجت أنا و أحمد بن حنبل و يحيى بن معين نريد عبد الرزاق فلمّا وصلنا مكّة كتب أهل الحديث إلى صنعاء إلى عبد الرزاق: قد أتاك حفّاظ‍‌ الحديث فانظر كيف تكون أحمد ابن حنبل و يحيى بن معين و أبو خيثمة زهير بن حرب، فلمّا قدمنا صنعاء أغلق الباب عبد الرزاق و لم يفتحه لأحد إلاّ لأحمد بن حنبل لديانته، فدخل فحدّثه بخمسة و عشرين حديثا و يحيى بن معين بين الناس جالس، فلمّا خرج قال يحيى لأحمد: أرني ما حلّ‌ لك، فنظر فيها فخطّأ الشيخ في ثمانية عشر حديثا، فلمّا سمع أحمد الخطأ رجع فأراه مواضع الخطإ فأخرج عبد الرزاق الأصول فوجده كما قال يحيى ففتح الباب و قال: ادخلوا، و أخذ مفتاح بيته و سلّمه إلى أحمد ابن حنبل و قال: هذا البيت ما دخلته يد غيري منذ ثمانين سنة أسلّمه إليكم بأمانة اللّه على أنّكم لا تقولون ما لم أقل و لا تدخلون عليّ‌ حديثا من حديث غيري، ثمّ‌ أومأ إلى أحمد و قال: أنت أمين الدين عليك و عليهم، قال: فأقاموا عنده حولا، أنبأنا الحسن بن رستوا أنبأنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: عبد الرزاق بن همّام فيه نظر لمن كتب عنه بآخره، و في رواية أخرى: عبد الرزاق بن همام لمن يكتب عنه من كتاب ففيه نظر و من كتب عنه بآخره حاد عنه بأحاديث مناكير، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي قلت عبد الرزاق كان يتشيّع و يفرط‍‌ في التشيّع‌؟ فقال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئا و لكن كان رجلا تعجبه الأخبار، أنبأنا مخلد الشعيري قال: كنّا عند عبد الرزاق فذكر رجل معاوية فقال: لا تقذّروا مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان! أنبأنا عليّ‌ بن عبد اللّه بن المبارك الصنعاني يقول: كان زيد بن المبارك لزم عبد الرزاق فأكثر عنه ثمّ‌ حرق كتبه و لزم محمد بن ثور فقيل له في ذلك فقال: كنّا عند عبد الرزاق فحدثنا بحديث معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان الطويل، فلمّا قرأ قول عمر لعليّ‌ و العباس: فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك و يطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، قال: ألاّ يقول الأنوك رسول اللّه، صلّى اللّه عليه و سلّم‌؟ قال زيد بن المبارك: فقمت فلم أعد إليه و لا أروي عنه حديثا أبدا، أنبأنا أحمد بن زهير بن حرب قال: سمعت يحيى بن معين يقول و بلغه أن أحمد بن حنبل يتكلم في عبد اللّه ابن موسى بسبب التشيّع قال يحيى: و اللّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة لقد سمعت من عبد الرزاق في هذا المعنى أكثر ممّا يقول عبد اللّه بن موسى لكن خاف أحمد أن تذهب رحلته، أنبأنا سلمة بن شبيب قال: سمعت عبد الرزاق يقول و اللّه ما انشرح صدري قطّ‍‌ أن أفضّل عليّا على أبي بكر و عمر، رحم اللّه أبا بكر و رحم عمر و رحم عثمان و رحم عليّا و من لم يحبّهم فما هو بمسلم فإن أوثق عملي حبّي إياهم، رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين. و مات عبد الرزّاق في شوّال سنة 211، و مولده سنة 126. و صنعاء أيضا: قرية على باب دمشق دون المزّة مقابل مسجد خاتون خربت، و هي اليوم مزرعة و بساتين، قال أبو الفضل: صنعاء قرية على باب دمشق خربت الآن، و قد نسب إليها جماعة من المحدثين، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتابه: أبو الأشعث شراحيل بن أدّة، و يقال شراحيل بن شراحيل الصنعاني، من صنعاء دمشق، و منهم أبو المقدام الصنعاني، روى عن مجاهد و عنبسة، روى عنه الأوزاعي و الهيثم بن حميد و إسماعيل بن عياش، قال الأوزاعي: ما أصيب أهل دمشق بأعظم من مصيبتهم بالمطعم بن المقدام الصنعاني و بأبي مزيد الغنوي و بأبي إبراهيم بن حدّاد العذري، فأضافه إلى أهل دمشق و الحاكم أبو عبد اللّه نسبه إلى اليمن، و قال أبو بكر أحمد بن عليّ‌ الحافظ‍‌ الأصبهاني في كتابه الذي جمع فيه رجال مسلم بن الحجاج: حفص بن ميسرة الصنعاني صنعاء الشام كنيته أبو عمر، زيد بن أسلم و موسى بن عقبة و غيرهما، روى عنه عبد اللّه بن وهب و سويد بن سعيد و غيرهما، و أبو بكر الأصبهاني أخذ هذه النسبة من كتاب الكنى لأبي أحمد النيسابوري فإنّه قال: أبو عمر حفص بن ميسرة الصنعاني صنعاء الشام، و قال أبو نصر الكلاباذي في جمعه رجال كتاب أبي عبد اللّه البخاري: هو من صنعاء اليمن نزل الشام، و القول عندنا قول الكلاباذي بدليل ما أخبرنا أبو عمر عبد الوهاب بن الإمام أبي عبد اللّه بن مندة، أنبأنا أبو تمام إجازة قال: أخبرنا أبو سعيد بن يونس بن عبد الأعلى في كتاب المصريين قال: حفص بن ميسرة الصنعاني يكنى أبا عمر من أهل صنعاء، قدم مصر و كتب عنه، و حدث عنه عبد اللّه بن وهب و زمعة بن عرابي ابن معاوية بن أبي عرابي و حسّان بن غالب، و خرج عن مصر إلى الشام فكانت وفاته سنة 181، و قال أبو سعيد: حدثني أبي عن جدي أنبأنا ابن وهب حدثني حفص بن ميسرة قال: رأيت على باب وهب بن منبّه مكتوبا: ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ بالله، فدلّ‌ جميع ذلك على أنّه كان من صنعاء اليمن، قدم مصر ثمّ‌ خرج منها إلى الشام، و حنش بن عبد اللّه الصنعاني صنعاء الشام، سمع فضالة بن عبيد، روى عنه خالد ابن معدان و الحلاّج أبو كبير و عامر بن يحيى المعافري، قال ابن الفرضي: عداده في المصريين و هو تابعي كبير ثقة و دخل الأندلس، قال: و هو حنش بن عبد اللّه بن عمرو بن حنظلة بن فهد بن قينان بن ثعلبة ابن عبد اللّه بن ثامر السّبائي و هو الصنعاني يكنى أبا رشيد، كان مع عليّ‌ بن أبي طالب، رضي اللّه عنه، بالكوفة و قدم مصر بعد قتل عليّ‌ و غزا المغرب مع رويفع بن ثابت و الأندلس مع موسى بن نصير، و كان فيمن ثار مع ابن الزبير على عبد الملك بن مروان فأتي به عبد الملك في وثاق فعفا عنه، حدث عنه الحارث بن يزيد و سلامان بن عامر بن يحيى و سيّار ابن عبد الرحمن و أبو مرزوق مولى نجيب و غيرهم، و مات بإفريقية في الإسلام و ولده بمصر، و قيل إنّه مات بمصر، و قيل بسرقسطة و قبره بها معروف، كل ذلك عن ابن الفرضي، و يزيد بن ربيعة أبو كامل الرحبي الصنعاني صنعاء دمشق، هكذا ذكره البخاري في التاريخ العساكري، روى عن أبي أسماء الرحبي و أبي الأشعث الصنعاني و ربيعة بن يزيد و ذكر جماعة أخرى، قال أبو حاتم: يزيد بن ربيعة الصنعاني ليس بثقة دمشقيّ‌، قال جماعة من أصحاب الحديث: ليس يعرف بدمشق كذّاب إلاّ رجلين: الحكم بن عبد اللّه الأبلّي و يزيد بن ربيعة، قال أبو موسى الأصبهاني محمد بن عمر: كان الحاكم أبو عبد اللّه لا يعرف إلاّ صنعاء اليمن فإنّه ذكر فيمن يجمع حديثهم من أهل البلدان، قال: و من أهل اليمن أبو الأشعث الصنعاني و المطعم بن المقدام و راشد بن داود و حنش ابن عبد اللّه الصنعانيون و هؤلاء كلّهم شاميون لا يمانيون، قال أبو عبد اللّه الحميدي: حنش بن علي الصنعاني الذي يروي عن فضالة بن عبيد من صنعاء الشام قرية بباب دمشق، و أبو الأشعث الصنعاني منها أيضا، قاله عليّ‌ بن المديني، قال الحميدي: و لهذا ظنّ‌ قوم أن حنش بن عبد اللّه من الشام لا من صنعاء اليمن و لا أعرف حنش بن عليّ‌ و الذي يروي عن فضالة هو ابن عبد اللّه فهذا بيان حسن لطالب هذا العلم، و قال ابن عساكر: يحيى بن مبارك الصنعاني من صنعاء دمشق، روى عن كثير بن سليم و شريك بن عبد اللّه النخعي و أبي داود شبل بن عبّاد و مالك بن أنس، روى عنه إسماعيل بن عياض الأرسوفي و خطّاب بن عبد السلام الأرسوفي و عبد العظيم بن إبراهيم و إسماعيل بن موسى بن ذرّ العسقلاني نزيل أرسوف، و يزيد بن السمط‍‌ أبو السمط‍‌ الصنعاني الفقيه، روى عن الأوزاعي و النّعمان بن المنذر و مطعم بن المقدام و ذكر جماعة و ذكر بإسناده أن عالمي أهل الجند بعد الأوزاعي يزيد بن السمط‍‌ و يزيد ابن يوسف، و كان ثقة زاهدا ورعا من صنعاء دمشق، و يزيد بن مرثد أبو عثمان الهمداني المدعي حي من همدان من أهل صنعاء دمشق، روى عن عبد الرحمن ابن عوف و معاذ بن جبل و أبي الدرداء و أبي ذرّ و أبي رهم اجزاب بن أسيد السمعي و أبي صالح الخولاني، روى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن عامر و خالد بن معدان و الوضين بن عطاء، و راشد بن داود أبو المهلّب، و يقال أبو داود الرسمي الصنعاني صنعاء دمشق، روى عن أبي الأشعث شراحيل بن أدّة و أبي عثمان شراحيل بن مرثد الصنعانيين و أبي أسماء الرحبي و نافع و يعلى بن أبي شدّاد بن أوس و غيرهم، روى عنه يحيى بن حمزة و عبد اللّه بن محمد الصنعاني و عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون و غيرهم، و سئل عنه يحيى بن معين فقال: ليس به بأس ثقة، قال يحيى: و صنعاء هذه قرية من قرى الشام ليست صنعاء اليمن. (1)
مدينة عظيمة باليمن كان اسمها في القديم أزال فلما وافتها الحبشة و نظروا إلى مدينتها فرأوها مبنية بالحجارة قالوا: هذه صنعة و تفسيرها بلسانهم حصينة، فسميت صنعا. قالوا: و الذي أسس غمدان و ابتدأ بنيانه و احتفر بيده الذي هو اليوم سقاية بمسجد جامع صنعاء، سام بن نوح عليه السّلام؛ لأنه سار يطلب حرّ البلاد و موضع اعتدال الحر و البرد فلم يجده إلا في جزيرة العرب، فنظر الحجاز فوجده مفرط الحر لمقام الشمس شهرين في مثل ثلاث درجات و كسر على سمته، فسار في الاقليم الأول حتى صار إلى حقل صنعاء فوجده أطيب باعتداله و صحة هوائه، و رآه أرجح إلى البرد منه إلى الحرّ، و رأى ميله وسطا لا مثل ميل الحمل المتقارب تسير الشمس فيه طولا درجة و عرضا قريبا من نصفها، و لا مثل ميل الجوزاء الذي هو تسع طوله، و رأى الشمس تسامته في السنة كرتين في ثماني درجات من الثور و ثلاث و عشرين من الأسد، فإذا كانت الشمس فيها ترى الشمس في أيار صنعاء انتصاف النهار. و صنعاء مدينة كثيرة الخيرات متصلة العمارات ليس في بلاد اليمن أقدم منها عهدا و لا أكبر قطرا و لا أكثر ناسا، و هي في صدر الاقليم الأول معتدلة الهواء طيبة الثرى، و الزمان بها أبدا معتدل الحر و البرد، و كانت ملوك اليمن قاطبة تنزل بها، و هي ديار العرب، و كان لملوكها [بها بناء كبير عظيم الذكر و هو قصر غمدان، فهدم و صار كالتل العظيم، و أكثر بنيانها في هذا الوقت بالخشب، و بها دار لعمل] الثياب المنسوبة إليها، و هي قاعدة اليمن، و هي على نهر صغير يأتي إليها من جبل في شمالها فيمرّ بها نازلا إلى مدينة ذمار و يصب في البحر اليماني، و من صنعاء إلى ذمار ثمانية و أربعون ميلا. و إلى صنعاء ينسب الوشي، و لبعض المتأخرين يذكر ممدوحا له: وشّى نضار صلاته بلجينه أعجب بحسن الوشي من صنعاء و بصنعاء مات وهب بن منبه سنة عشر أو سنة أربع عشرة و مائة. و ذكر ابن إسحاق في خبر سيف بن ذي يزن لمّا وفد على كسرى يستنصره على الحبشة المتغلبين على اليمن أن كسرى وجه معه ثمانمائة رجل و استعمل عليهم و هرز، و كان ذا سنّ فيهم، فخرج في ثماني سفائن غرقت منها سفينتان، و وصل إلى ساحل عدن ست سفائن، فجمع سيف إلى و هرز من استطاع من قومه و قال له: رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا، فقال له و هرز: أنصفت، ثم إنهم صافوا مسروق بن ابرهة ملك اليمن و جميع جنده، فرماه و هرز فأصابه بنشابة فقتله، و انهزمت جموع الحبشة و هربوا في كل وجه، و أقبل و هرز ليدخل صنعاء حتى إذا أتى بابها قال: لا تدخل رايتي منكسة أبدا، اهدموا الباب، فهدموه، ثم دخلها ناصبا رايته، في خبر طويل. و تعمل بصنعاء الحبرات من القطن التي لا يقدر في غيرها على اتخاذ مثلها، و منها تحمل إلى البلاد، و كذلك الأردية و العمائم العدنية و الثياب السحولية و الأدم الطائفي لا يوجد في قطر من الأقطار مثله، و البقر الملمعة فيها تواليع بين بياض و صفرة كأحسن الوشي. و صنعاء لا تمطر إلا في حزيران و في تموز و آب و بعض أيلول، و لا تمطر إلا بعد الزوال في أغلب الأمر، يلقى الرجل الرجل نصف النهار و السماء مصحية ليس فيها طخرية فيقول: عجل قبل أن تصب السماء؛ لأنهم قد علموا أنه لا بد من المطر في ذلك الوقت. و لمّا ظهر أمر الأسود العنسي الكذاب بصنعاء، بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم رجلا من الأزد أو من خزاعة في أمر الأسود، فدخل صنعاء مختفيا، فنزل على داذويه الابنائي فأخفاه عنده، و تواترت الأنباء في قتل الأسود، فتحرك في قتله نفر منهم قيس ابن عبد يغوث المكشوح و فيروز الديلمي و داذويه، و كانت المرزبانة زوجه قد أبغضته، إذ كان تزوجها قسرا و كانت من عظماء فارس، فوعدتهم موعدا أتوا لميقاته و قد سقته الخمر حتى سكر، فسقط نائما كالميت، فدخل عليه قيس و فيروز و نفر معهما، فوجدوه على فراش عظيم من ريش قد غاب فيه، و أشفق فيروز أن يتمادى عليه السيف أن ضربه به، فوضع ركبته على صدر الكذاب ثم فتل عنقه فحولها حتى حوّل وجهه من قبل ظهره، و أمر فيروز قيسا فاحتز رأسه، فرمى به إلى الناس، ففض اللّه تعالى الذين اتبعوه و ألقى عليهم الخزي و الذلة، و أتى الخبر بذلك إلى رسول صلّى اللّه عليه و سلّم في مرضه الذي توفي فيه، فقال صلّى اللّه عليه و سلّم و ذكر الأسود: قتله الرجل الصالح فيروز الديلمي و داذويه، و الأمر إلى قيس ابن المكشوح، فكان أمير صنعاء، و كان بها جماعة من أصحاب الأسود، فلما بلغتهم وفاة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ثبت قيس و الأبناء و أهل صنعاء على الإسلام إلا أصحاب الأسود، ثم ارتد قيس بن المكشوح و أخرج الأبناء من صنعاء فلم يبق بها أحد إلا في جوار، و بلغ خالد بن سعيد بن العاصي رضي اللّه عنه ردة أهل صنعاء فسار يومها إلى أن كان من أمره و أمر قيس ثم إسلامه ما هو مذكور في مواضعه. و صنعاء : أيضا قرية بدمشق. (2)
ترد في السيرة في مواطن متعددة، و يتعدد اسم صنعاء في بلاد العرب، منها صنعاء اليمن، و صنعاء الشام قرب دمشق، و صنعاء الحجاز شمال المدينة. و أشهرهن صنعاء اليمن. (3)
أم قرى اليمن و هي كما وصفها الحاج أحمد بن عيسى الرداعي في أرجوزة الحج البديعة: صنعاء ذات الدور و الأطام و القدم الأقدم ذي القدام و العز عن ذي السطوة الغشام أست بعلم لابن نوح سام بعلم رب ملك علام إذ رادها سام بلا توهام و رادها من قبل ألفي عام ما بين سفحي نقم النقام و بين عيبان المعين السامي فأسسها في سالف الأيام الأطام: الحصون المرتفعة من الطين فشبه بها منازل صنعاء لارتفاعها، و القدام: الملك و ذو السطوة تبع، و ذكر أن أول من بناها بعد الطوفان سام. (و انها عمّرت بين آدم و نوح ألفي عام) و عيبان و نقم جبلا صنعاء. فهي بقول العلم غير الشك محتدم العلم و دار الملك و عصمة المازول حتى الدك أما و مجرى ماخرات الفلك ألية ما شبتها بالأفك لقد علت صنعاء دار الشرك في الدهر عن عز رفيع مشكي و أصبحت معدن أهل النسك سقيا لصنعاء بجود حشك و أردفت عزا رفيع السمك المأزول: من الأزل الخائف و يقول إنها علت دور الشرك في الجاهلية و علت في الاسلام بنسك أهلها. بلاد ملك ضل من يقيس أرضا بصنعاء لها تأسيس ما لم يعد الحرم الأنيس أرض بها غمدان و القليس بناهما ذو النجدة الرئيس يحصب سرح و بنت بلقيس فهو البناء الأقدم القدموس بقول صدق ما به تلبيس و العز فيها و الندى و الكيس إن صرخت شعواء دردبيس (و يروى بحضب شرح و بنت بلقيس). غمدان و القليس محفدا صنعاء، و قد ذكرنا أخبارهما في الإكليل. هكذا قال الهمداني في شرح الأرجوزة: صنعاء جادتك السحاب السود بمكفهر و دقة مهدود أرض بها لي الوطن المعكود إخوان صدق سادة شهود أفعالهم سعي الندى و الجود فهم بها شمّ سراة صيد ناديهم مجلسها المشهود بحيث أولي البرد المعدود ثاو طوال الدهر لا يبيد يسأل عنه الوالد المولود مهدود: أي مهتوت منهزم، و كذلك عارض منهزم و رعد هزيم. قال الأعشى: (فحان بهم جارف منهزم). إن رابها من حدث الزمان ريب عدو حرب الأضغان قام فحامى دونها حيان قحطان و الأحرار من ساسان قبيلتا صدق إذا ما الجاني أشعل نار الحرب بالإعلان كانوا كغاب الأسد من خفان ظلت بها غير مظل الواني قرير عين بصلاح الشان في فتية مثل القنا المران انتهى ما يتعلق بصنعاء من أرجوزة الرداعي رحمه اللّه. و قال الهمداني في صفة الجزيرة: مدينة صنعاء هي أم اليمن و قطبها لأنها في الوسط فيها، ما بينها و بين عدن كمثل ما بينها و بين حد اليمن من أرض نجد و الحجاز، و كان اسمها في الجاهلية «أزال» و تقول العرب: «لا بد من صنعاء و إن طال السفر» و ينسب الى صنعاء صنعاني مثل بهراء و بهراني لأنهم رأوا النون أخف من الواو و خولان لا تنسب اليها إلا على بنية الأصل صنعاوي، و كلهم يقول في ساكن الكدراء كدراوي و لا يقولون كدراني. و صنعاء أقدم مدن الأرض لأن سام بن نوح الذي أسّها، و قد جمعت أخبارها في القديم في كتاب الاكليل و ضربنا عن ذكر قديمها في هذا الموضع صفحا. و لم يزل بها عالم و فقيه، و حكيم و زاهد، و من يحب اللّه عزّ و جلّ‌ المحبة المفرطة، و يخشاه الخشية النبظى على نحو ما ذكر بطليموس في طباع أهل هذا الصقع، و هم مع ذلك أهل تمييز لعارض الأمور و خدمة للسلطان ناهية، و تملك و تنعم في المنازل، و لهم صنائع في الأطعمة التي لا تلحق بها أطعمة بلد، و لهم خط المصاحف الصنعاني (المكسر و التحسين الذي لا يلحق به)، و لهم حقائق الشكل، ذكرهم بذلك الخليل، و لهم الشروط دون غيرهم و لا يكون لفقيه من أهل الأمصار شرط إلا و لهم أبلغ منه و أعذب لفظا و أوقع معنى و أقرب إختصارا، و منهم الخطباء كمطرف بن مازن و هو المخترع لمفارع الغيول، و ابراهيم بن محمد يعفر (بضم الياء و كسر الفاء)، و فيها العلماء كوهب بن منبه و أخويه همام و معقل، و عبد الرزاق و عبد الرحمن بن داود، و هشام بن يوسف. و من أصحاب النجوم دردان و أبو عصمة و ابن حنذة و ابن عاصم و ابن المنيذر و ابن عبيد اللّه و غيرهم. و من الشعراء مثل علقمة ذي جدن و وضاح اليمن و فد بشعره على الوليد و اغتيل بسبب أم البنين بنت بشر بن مروان، و بكر بن مرداس و كان ظريفا أدم حسن الهيئة و النضارة و كان له ثياب بعدد أيام مخرجه من منزله في السنة و كان من تمام مروءته ألا يخرج من منزله حتى يتفقد شسعي نعله فلم يره أحد منقطع الشسع في طريق، و كان شعره سائرا فخبرني ابن مرزا الأبناوي عن بعض من حدّثه من أهل صنعاء عن أبيه قال: وافيت الحج فرأيت في الطواف فتى ظريفا خفيف الروح يعصب به جماعة حتى قضى طوافه و صلاته فقلت: من هذا؟ فقيل: أبو نواس الحسن بن هانىء فسلمت عليه و فاوضته و خبرته بنفاق أشعاره و أخباره بصنعاء و سألته شيئا منه قال فقال تطلبني مثل هذا و عندكم بكر بن مرداس‌؟ قال فقلت: و إنه عندك بهذه المنزلة‌؟ قال: أما هو القائل: يا إخوتي إن الطبيب الذي ترجون أن يبرئني مسقمي و ما ألا نصحا و لكنه عن علم ما بي من سقام عمي فسائلوه عن عقاقيره و سائلوه ما الذي أحتمي (فإنما الطب لمن داؤه من مرة أو بلغم أو دم) و الحب لا يشفي بإيّارج و لا بترياق و لا محجم إلا بشم الحب أو ضمه و مج ريقين فم من فم فيا شفاء النفس من دائها داوي سقامي و ارحمي ترحمي فلو بعينيك إذا جنني ليل و أغفت أعين النوم طوفي على بابكم باكيا لحرّ شجو في الحشا مضرم لخلت أني طائف محرم في ساحة البيت الى زمزم و استيقنت نفسك ان الهوى أشد ما يعلق بالمسلم فأعتقي عبدك مما به و أكرمي وجهك أن تظلمي. (4)
الأول: صنعاء اليمن أعظم مدنها، الثاني: قرية على باب دمشق ناحية باب الفراديس، و اتصلت حيطانها بها بالعقيبة، و بينهما في النسبة إليهما فرق. (5)
 
مدينة باليمن معروفة، قد تقدّم ذكرها فى رسم الجند؛ و كان أوّل من نزلها صنعاء بن أزال بن يعير بن عابر ، فسمّيت به و قيل: إن الحبشة لمّا دخلتها فرأتها مبنيّة بالحجارة، قالوا: صنعة صنعة. و تفسيره بلسانهم: حصينة، فسمّيت بذلك. قال الهمدانى: و قد كانت فى الجاهليّة تسمّى أزال. قال : و أوّل من نزلها و أسّس قصبتها غمدان بن سام بن نوح، فيها تعرف ذرّيّته إلى اليوم. (6)
قصبة اليمن، مدينة نزهة و عامرة، يرتفع منها كل التجارات التي ترتفع من أغلب نواحي اليمن، و هي أوفر مناطق اليمن نعمة. و لا يوجد في كل بلاد العرب مدينة أكبر منها و أنزه. تغل مزارعها و حقول حنطتها مرتين في السنة، أما الشعير فيغل ثلاث مرات أو أربع لشدة اعتدال هوائها. يحيط بها سور من الصخر يقال إنه أول بناء بنوه بعد الطوفان. (7)
قصبة بلاد اليمن، أحسن مدنها بناء و أصحّها هواء و أعذبها ماء، و أطيبها تربة و أقلّها أمراضا، ذكر أن الماء إذا رشّ في بيوتها تفوح منه رائحة العنبر، و هي قليلة الآفات و العلل، قليلة الذباب و الهوام. إذا اعتلّ إنسان في غيرها و نقل إليها يبرأ، و إذا اعتلّت الإبل و أرعيت في مروجها تصحّ‌، و اللحم يبقى بها أسبوعا لا يفسد. بناها صنعاء بن ازال بن عنير بن عابر بن شالح، شبّهت بدمشق في كثرة بساتينها، و تخرّق مياهها و صنوف فواكهها. قال محمّد بن أحمد الهمذاني: أهل صنعاء في كلّ سنة يشتّون مرّتين و يصيّفون مرّتين، فإذا نزلت الشمس نقطة الحمل صار الحرّ عندهم مفرطا، فإذا نزلت أوّل السرطان زالت عن سمت رؤوسهم، فيكون شتاء، فإذا نزلت أوّل الميزان يعود الحرّ إليهم مرّة ثانية فيكون صيفا، و إذا صارت إلى الجدي شتّوا مرّة ثانية، غير أن شتاءهم قريب من الصيف في كيفيّة الهواء. قال عمران بن أبي الحسن: ليس بأرض اليمن بلد أكبر من صنعاء، و هو بلد بخطّ الاستواء، بها اعتدال الهواء لا يحتاج الإنسان إلى رحلة الشتاء و الصيف و تتقارب ساعات نهارها. و كان من عجائب صنعاء غمدان الذي بناه التبابعة؛ قالوا: بانيه ليشرخ ابن يحصب؛ قال ابن الكلبي: اتّخذه على أربعة أوجه: وجه أحمر و وجه أبيض و وجه أصفر و وجه أخضر، و بنى في داخله قصرا على سبعة سقوف بين كلّ سقفين أربعون ذراعا، فكان ظلّه إذا طلعت الشمس يرى على ماء بينهما ثلاثة أميال، و جعل في أعلاه مجلسا بناه بالرخام الملوّن، و جعل سقفه رخامة واحدة، و صيّر على كلّ ركن من أركانه تمثال أسد، إذا هبّت الريح يسمع منها زئير الأسد، و إذا أسرجت المصابيح فيه ليلا كان سائر القصر يلمع من ظاهره كما يلمع البرق، و فيه قال ذو جدن الهمداني: و غمدان الذي حدّثت عنه بناه مشيّدا في رأس نيق بمرمرة و أعلاه رخام تحام لا يعيّب بالشّقوق مصابيح السّليط يلحن فيه إذا أمسى كتوماض البروق فأضحى بعد جدّته رمادا و غيّر حسنه لهب الحريق و قال أميّة بن أبي الصّلت يمدح سيف بن ذي يزن في قصيدة آخرها: فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دارا منك محلالا تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فصارا بعد أبوالا و ذكر أن التبابعة إذا قعدوا على هذا القصر و أشعلوا شموعهم يرى ذلك على مسيرة أيّام. حكي أن عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه، لمّا أمر بهدم غمدان قالوا له: إن الكهنة يقولون هادم غمدان مقتول! فأمر بإعادته، فقالوا له: لو أنفقت عليه خراج الارض ما أعدته كما كان، فتركه، و لمّا خربه وجد على خشبة من أخشابها مكتوبا: اسلم غمدان، هادمك مقتول. فهدمه عثمان بن عفّان فقتل. و وجد على حائط ايوان من مجالس تبع مكتوبا: صبرا الدّهر نال منك فهكذا مضت الدهور فرح و حزن بعده لا الحزن دام و لا السّرور و بصنعاء جبل الشبّ و هو جبل على رأسه ماء يجري من كلّ جانب و ينعقد حجرا قبل أن يصل إلى الأرض، و هو الشبّ اليمانيّ الأبيض الذي يحمل إلى الآفاق. و من عجائب صنعاء ما ذكر أنّه كان بها قبّة عظيمة من جمجمة رجل. و بها نوع البرّ حبّتان منه في كمام، ليس في شيء من البلاد غيرها، و بها الورس و هو نبت له خريطة كالسمسم، زرع سنة يبقى عشرين سنة. و حكي أن أمير اليمن لمّا آل إلى الحبشة، بنى أبرهة بن الصبّاح بها كنيسة لم ير الناس أحسن منها، و سمّاها القلّيس، و زيّنها بالذهب و الفضّة و الجواهر، و كتب إلى النجاشي: إني بنيت لك كنيسة ليس لأحد مثلها من الملوك، و أريد أصرف إليها حجّ العرب. فسمع ذلك بعض بني مالك بن كنانة فأتاها و أحدث فيها، فسأل أبرهة عنه، فقالوا: إنّه من أهل البيت الذي يحجّ إليه العرب. فغضب و آلى ليسيرنّ إلى الكعبة و يهدمنّها، ثمّ جاء بعسكره و فيلته، فأرسل اللّه تعالى عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجّيل فجعلهم كعصف مأكول. و بها الجنّة التي أقسم أصحابها لنصرمنّها مصبحين، و هي على أربعة فراسخ من صنعاء، و كانت تلك الجنّة لرجل صالح ينفق ثمراتها على عياله، و يتصدّق على المساكين، فلمّا مات الرجل عزم أصحابه على أن لا يعطوا للمساكين شيئا، فانطلقوا و هم يتخافتون أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكين، فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون، يعني ما هذا طريق بستاننا، فلمّا رأوا الجنّة محترقة قالوا: بل نحن محرومون. و يسمّى ذاك الوادي الضّروان، و هو واد ملعون، حجارته تشبه أنياب الكلاب، لا يقدر أحد أن يطأها، و لا ينبت شيئا و لا يستطيع طائر أن يطير فوقه، فإذا قاربه مال عنه؛ قالوا: كانت النار تتّقد فيها ثلاثمائة سنة. (8) 
و من شعراء صنعاء أبو السمط الفيروزي شاعر مفلق، و فد على المهدي ممتدحا فقيل مدحته و مدح البرامكة و اقتطعوا له من المهدي أموالا بصنعاء و عقارا، و قد أثبتنا مرثيته في أخيه و هي من أحسن شعر في كتاب الإكليل. و من شعراء صنعاء «مرطل» و كان هجاء للأشراف داخلا في أعراضهم و قد فعل مثل ذلك في يعفر الحوالي فجهز من نادمه فلما شرب ذات يوم مع أولئك الندامى حمل فراشه على الدابة فسروا به فوافوا به شبام إلى يعفر فانتبه و هو بين يديه فقال: كيف أصبحت يا مرطل‌؟ قال: في طختي يا سيدي يعني الوعاء الذي حمل من فراشه فضحك منه و منّ عليه و سرّحه فقطع لسانه بذلك الجميل عن أذاء الناس. و من شعراء صنعاء بل من باديتها عبد الخالق بن أبي الطلح الشهابي و كان مطبوعا مفوها مفلقا و قد أثبتنا قصائد من شعره في الإكليل مع أخبار بني شهاب. و من شعراء صنعاء نفسها ابراهيم بن الجدّويه و قد ذكرنا شيئا من شعره في كتاب الإكليل و كان مطبوعا في الشعر و كان في الرجز أبرع و كان ربما شابه في بعض مذهبه مذهب الكميت في مثل كلمته في العلوي الناصر: ناصر الدين لم تزل منصورا شكر اللّه سعيك المشكورا و له في ابن الحسين الرسي مرثيته و هي: وهت عضد الاسلام و أندك كاهله و غالت بنيه في الأنام غوائله و كان يستغرق أكثر شعره هجاء السوقة و السقاط، و من أحسن شعره كلمته في أسعد بن أبي يعفر و أولها: يا طائرين أخال البين فارتفعا إن النوى قد قضت أوطارها فقعا و لم يزل فيها من كتبة الديوان بلغاء و غير مولدي الكلام و لا مستخفي المعاني و مبعدي الاستعارات مثل بني أبي رجاء و غيرهم، و كان بشر بن أبي الكبار البلوي من أبلغ الناس و كانت بلاغته تتهادى في البلاد و كان له فيها مأخذ لم يسبقه إليه أحد، و لم يلحقه فيه و تعجب بلاغته و نفاستها و أنه فيها أوحد، و أنه لا يشابه بلاغة البلغاء، و أنه منفرد بحسن إختلاس القرآن أثبتنا منها رسائل ليستدل بها على ما وراءها، و أقل الأثر دليل على قدر المؤثر. كتب بشر الى إبراهيم بن عبد اللّه الحجبي والي صنعاء لهارون الرشيد و كان قدم صنعاء سنة 182 فأقام بها سنة و شهرا ثم صرف في بغي هشام الأنباوي عليه و كان قد عزم على أن يولي بشرا بعض نواحي اليمن فكسر غلة هشام بن يوسف. «أما بعد فان رأي الأمير أمتع اللّه به أن لا يعلم هشاما ما يريد من صلتي فانه لم يردني والي قط بخير و لم يفتح لي باب صلة فتكون منه خالصة لا يريد بها إلا وجه اللّه وحده، و لا يرجو بها إلا ثوابه، إلا عرض هشام من دونها فثقلها و كرهها و أدار القياس فيها، و ضرب لها الأمثال، و ألقى الحيلة فيها إلى الكاتب و الحاجب، و قاسمهما باللّه أني لكما لمن الناصحين، و مدحني بما لا يسمع به من أخلاقي، و انتقصني فيما لا يطمع بغيره مني ليكون ما أظهر من المدحة مصدقا لما أسره من العيبة، ثم زخرف ذلك بالموعظة، و زينه بالنصيحة، و قاربه بالمودة، و أغراه من ناحية الشفقة، و شهد عليه أربع شهادات باللّه إنه لمن الصادقين، و الخامسة إن غضب اللّه إن كان من الكاذبين، فإذا الحاجب يزلقني ببصره، و إذا الكاتب يسلقني بلسانه، و إذا الخادم يعرض عني بجانبه، و إذا الوالي ينظرني (نظر المغشي عليه من الموت)، فصارت وجوه النفع مردودة، و أبواب الطمع مسدودة، و أصبح الخير الذي كنت أرجوه (هشيما تذروه الرياح)، و الصلة التي كنت أشرفت عليها (صعيدا زلقا)، (و أصبح ماؤها غورا) فما أستطيع له طلبا، فاسأل اللّه الذي جعل لكل نبي عدوا من المجرمين أن يكفيني شره، و يصرف عني كيده، فانه يراني و قبيله من حيث لا أراهم، و السلام». و له إلى يزيد بن منصور عامل أبي جعفر المنصور على اليمن و قدم إلى صنعاء في أول سنة 154 فأقام بها باقي خلافة المنصور و سنة من خلافة المهدي و كان قدومه بعد الفرات بن سالم. «أما بعد فانه قدم عليّ كتاب من الأمير حفظه اللّه مع رسوله نعمان الهمداني يأمرني أن أبعث إليه بفرض الفرات بن سالم يريد بالفرض شيئا كان فرضه على أهل اليمن، و أنا أخبر الأمير أكرمه اللّه انه كان قدم علينا قبل كتابه كتاب اللّه تعالى مع رسوله محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم يأمرنا فيه أن نفرق ما جمع الفرات، و أن نهدم ما بنى و أن نوالي من عادى، و أن نعادي من والى، و نظرت في الرسالتين، و قست بين الرسولين بغير تحيّر عرض، و لا شبهة بحمد اللّه دخلت، فرأيت أن لا أنقض ما جاء به محمد بن عبد اللّه لما قدم به النعمان لعنه اللّه و غضب عليه، و علمت أن من يزغ منا عن أمر اللّه يذقه من عذاب السعير، فليقض الأمير حفظه اللّه في ما كان قاضيا، ثم ليعجل ذلك و لا ينظرني فو اللّه ان العافية لفي عقابه، و أن العقاب لفي عافيته، و أن الموت لخير من الحياة معه إذا كان هذا الجد منه، و الحق عنده، و السلام». و من بشر الى الشافعي في عبد اللّه بن مصعب. «أما بعد فانك تسألني عن عبد اللّه كأنك هممت به إذ سرك القدوم عليك فلا تفعل يرحمك اللّه فان الطمع بما عنده لا يخطر على القلب إلا من سوء التوكل على اللّه عزّ و جلّ‌، و إن رجاء ما في يده لا يكون إلا بعد اليأس من روح اللّه، لأنه يرى الأقتار الذي نهى اللّه عنه هو الإسراف الذي يعذب اللّه عليه، و أن الصدقة منسوخة، و أن الضيافة مرفوعة، و أن إيثار المرء على نفسه عند الخصاصة إحدى الكبائر الموجبة الهلكة، و كأن لم يسمع بالمعروف إلا في الجاهلية الأولى الذين قطع اللّه دابرهم و نهى المسلمين عن إتباع آثارهم، و كأن الرجفة لم تصب أهل مدين عنده إلا لسخاء كان فيهم، و لم تهلك الريح العقيم عادا إلا لتوسع ذكر منهم، و هو يخاف العقاب على الإنفاق، و يرجو الثواب على الإقتار، و يعد نفسه الفقر، و يأمرها بالبخل، خيفة أن ينزل به بعض قوارع الظالمين، و يصيبها ما أصاب القوم المجرمين، فأقم يرحمك اللّه على مكانك، و إصطبر على عسرتك، و تربص به الدوائر عسى اللّه أن يبدلنا و إياك خيرا منه زكاة و أقرب رحما. و السلام». (9)
و من بشّر الى بشار بن رضابة: «أما بعد فاني رأيتك في أول زمانك تغدو على العلماء و تروح عنهم، و تحدّث عن اللّه و عن ملائكته و رسله، و قد أصبحت تحدّث عن معن و عن عماله، و عن أبي مسلم و عن أصحابه، فبئس للظالمين بدلا، فمن خلفت على أهلك أو على من تتكل في هول سفرك، أو بمن تثق في حال غربتك، أباللّه أم عليه‌؟ و كيف و لست أخشى عليك إلا من قبله، لأنه قد أعذر إليك فعصيت أمره، و أطعت أعداءه، و خرجت مغاضبا تظن أن لن يقدر عليك، فاتق على نفسك الزلل، و انزل عن دابتك في كل جبل، فإذا استويت أنت و من معك على ظهورها فلا تقل سُبْحٰانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا لأن اللّه تبارك و تعالى قد كره أن يحمد على ما نهى عنه، و لكن قل: رَبَّنٰا مَنْ قَدَّمَ لَنٰا هٰذٰا فَزِدْهُ عَذٰاباً ضِعْفاً فِي اَلنّٰارِ ، و السلام». و من بشر إلى الحجبي: «أما بعد فان اللّه و له الحمد قد كان عرضني وجوها كثيرة، و خيرني في مكاسب حلال، و كنت بتوفيق اللّه عزّ و جلّ و إحسانه قد اخترت منها ناحية الأمير حفظه اللّه، و رضيت به من كل مطلب، و اقتصرت على رجائه من كل مكسب، فأثابه اللّه عزّ و جلّ بذلك فتحا قريبا، و مغانم كثيرة عجلها و كان اللّه عزيزا حكيما، و قد عرف الأمير حفظه اللّه طول مودتي له، و قديم حرمتي، و أني ممن أنفق من قبل الفتح و قاتل، ثم إني لم أتعرب بعد الهجرة، و لم أنافق بعد النصرة، و لم أكن كحاطب حين ألقى بالمودة، و لا كتميم يوم نادوا من وراء الحجرات، بل أقمت على مكانتي، و اصطبرت على عسرتي، حتى جاء الفتح من عند اللّه و طلع الأمير حفظه اللّه، فلما ظهر و تمكن، رجونا الغنى معه حين أيسر و أثخن، و العز تماما على الذي أحسن، قرّب الأحزاب، و أدنى المخالفين من الأعراب، و آثر بالفيء من لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، و أصبحت أياديه عند المؤلفة قلوبهم، و من كان يلمزه في الصدقات منهم، و صنائعه عند المعذرين من الأعراب الذين جاءوا من بعدهم، ظاهرة في الآفاق و في أنفسهم، و أصبح نقباء العقبة و فقراء الهجرة، و مساكين الصفة، تفيض أعينهم من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون، و السابقون الأولون منّا و من أهل النصرة مرجون لأمر اللّه، فإن رأى الأمير حفظه اللّه أن يعطف علينا، من قبل أن تزيغ قلوب فريق منّا فعل، إِنَّ اَلْإِنْسٰانَ خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذٰا مَسَّهُ اَلشَّرُّ جَزُوعاً ، وَ إِذٰا مَسَّهُ اَلْخَيْرُ مَنُوعاً ، و لست أدري ماذا أعتذر به اليوم الى الناس في أمري عن الأمير، و هم يعلمون أني قد رأيت فيه ثلثي أملي و لم أبلغ في نفسي ربع رجائي، أم ماذا ينتظر الأمير فيّ بعد أن آتاه اللّه الملك و علمه الحكمة، و مكنه من خزائن الأرض و جعله في الدنيا وجيها، و في الاسلام مكينا، و عند الخليفة أبقاه اللّه مطاعا أمينا، فمن يغر الأمير بعد هذه النعمة، أو من يعذره مع هذه الكرامة، و من يرضى منه بأقل من جبرانه إلا من سفه نفسه، و السلام». و قال الهمداني في صفة الجزيرة: «و من عجائب اليمن حقل صنعاء، و أول من ارتاده بعد الطوفان سام بن نوح، فتذكر علماء صنعاء عن كابر فكابر أنه وضع مقراته و هو الخيط الذي يقدر به البناء على موضع الظبر بالظاء كما يقولون و هو حرف الجبل و حرف البناء و لا يذهبون الى التضبير من الأسادة و تضبير الناقة، ناقة مضبرة، فبنى الظبر فلما أخذ في البناء أتى طائر مسفا للمقراة فاختطفها و طار بها و أتبعه بصره حتى ألقاها على جبوبة النعيم فوضع ليبني به فأسف ذلك الطائر للمقراة فاحتملها حتى ألقاها على حرة غمدان فأس سام غمدان و احتفر به بئره التي هي اليوم معروفة ببئر سام. فأما صنعاء فصحيح على ان الغالب عليها البرد و لصحتها يلبس الانسان بها عند جمود الماء لباس الحر من الكتان و الرقائق فلا يدخله بردها لأنه برد يابس، و الدليل على يبسه انه يفطر أطراف العمّال و الصناع و يشنّها بالدم و يلبس الانسان الصوف و المبطنات و دوارع الثعالب في صيفها فلا تؤذيه، و خبرني عمره الشهابي عن أحمد بن يوسف الحذاقي أنه نظر الى ماء جامد بناحية بيت بوس في أول حزيران. و لا يتحول الانسان الشتاء و الصيف من مكانه فاذا اشتد بها الصيف فدخل الرجل ليقيل على فراشه لم يكن بد له من أن يتدثر لأن بيوتها في الصيف باردة لأجل قصة الخير المشبع بها باطن البيوت فيدخل في لحاف على فراشه و يطبق عليه الباب و يسبل الستر و السجف فلا يتغير ضياء البيت لأجل الرخام الذي يكون في الجدران و السقف، بل إذا كان في السقف رخامة صافية نظر غوم الطائر بظله عليها إذا حاذاها و تؤدي الرخامة لمعان الشمس الى القصة فتقابله بجوهرها و بريقها. و قال بعض من دخل صنعاء من العراقيين من العجب أن بيت فضة بصنعاء بدينارين يريد القصة المخيرة، و الخيرة عضة مثل عضة الصبر فيها غراء تغرى بها قداح النبل. و في صنعاء أنواع الفواكه من العنب على أنواعه، و الرمان الحلو و الحامض و الممزوج و المليس و السفرجل و ليس يلحق به غيره، و الأجاص و المشمش و التفاح و الخوخ و الجوز و اللوز و الكمثرى، و بها الورد و الباقلاء الأخضر و جميع أصناف البقول و جميع الحبوب، و القدر لها بها رائحة، و للخبز بها رائحة عجيبة تشم من بعد، و كذلك القدور و كيزان الماء من الفخار لها عند مباشرة الماء و هي جدد رائحة طيبة مقوية للروح و ترد الى المغشى عليه نفسه، و هذه الثلاثة الأرواح لا يشاركها فيها شيء من البلاد، ثم إذا طبخ اللحم بالخل و أنزل القدر بها مغطى شهرا أو شهرين ثم أتيت بعد هذه المدة فتجده جامدا فأسخنه فتظهر منه رائحة يومه، و هذا لا يكون إلا بصنعاء، و قد خبر ذلك جماعة منهم ابراهيم بن الصلت طبخ قدرا له و كان عزبا فلما كملت و كلّت نارها عزم على الغداء، فهو كذلك حتى أتاه رسول أبي يعفر ابراهيم بن محمد بن يعفر فأعجله من ساعته الى شبام فلما وصل أمره بالمضي الى مكة و كان أحد الطرادين و أمر له بناقة و زاد و دفع اليه كتبا يوصلها الى مكة فمضى الى مكة و أقام حتى خرج جوابه و عاد الى شبام فأوصل جوابه ثم صرف إلى منزله قال: فدخلت و أنا جائع فنظرت إلى ذلك القدر على الأثافي و إلى ذلك الخبز قد يبس في منديله قال: فكسرت من الخبز شيئا في قصعة و أحررت ذلك القدر و كببته على ذلك الخبز حتى تشربه فكان كقدر أسخنته يوم ثالث و ذلك بعد شهر و كسر.  (10)
و كنت أنظر الى التجار إذا حملناهم الى مكة من صعدة يأكلون سفرهم طرية الى نصف الطريق و يابسة تدق و تطرى الى مكة، و قال أبي رحمه اللّه: سألني رجل ببغداد بما تأدمون في أسفاركم قلت: بالسمن قال: أبالسمن‌؟ قال قلت: و ما للسمن‌؟ قال: هو ضرب من السّمن قال قلت: أما و اللّه لو ذقت البرطي منه و المغربي و الكلبي و الجنبي لعلمت أن دهن اللوز معه و ضر و لذلك لا يعمل أهل اليمن حلاواتهم إلا به لأنه أطيب و أجود من دهن اللوز و الجوز و لطيبه يشربه الناس شربا و يكون له رائحة شهية تدعو النفس معها إلى شربه و الإستكثار من التأدم به و له لطف فلا يكاد يجمد لرقته و لطفه و خفته، و كذلك لطافة لحوم الضأن و لحوم البقر فأما الجندي منها فربما بلغ الثور منها ثلاثين دينارا مطوقا فإنه أطيب من لحم الحمل الشهري في سائر البلاد لرقته و لطفه و دسمه (و لا يكون له رائحة)، و لأهل صنعاء الرقاق الذي ليس هو في بلد رقة و سعة و بياضا لموضع متانة البر، و أبرار اليمن العربي التليد و النسول من العلس و هو ألطفها خبزا و أخفها، و الرغيف بصنعاء لا ينكسر و لكنه ينعطف (و يندرج طومارا و كسره السّفار قطعا)، و الخبز بها ضروب كثيرة، و اللبن الرائب بصنعاء و بلد همدان و مشرق خولان و حزيز و جهران أثخن من الزبد في غير اليمن مع الغذاء و اللذة و الطيب، و زبدها بمنزلة الخبز الرطب في غيرها و أشد و تحمل القطعة منه و لا يعلق بيدك منه كثير شيء. و لهم مع ذلك ألوان الطعام و الحلاوي (و الشربة التي تؤثر على غايات ألوان كتب المطابخ) و لهم ألوان السمايد و ألوان البقيط (و الكشك السري) و ألوان الحلبة و معقدات الأترج و القرع و الجزر و قديد الخوخ و غير ذلك مما إذا سمع به الجاهل ازدراه و إذا شرع فيه قضم على طيبه بعض أنامله، و به الشهد الحضوري الماذي الجامد الذي يقطع بالسكاكين، و قد ذكره امرؤ القيس بقوله: كأن المسك و الكافو ر بالراح اليماني على أنيابها دهنا من الشهد الحضوري و يهدى الى العراق و مكة و سائر البلدان في القصب، و صفة عمله أن يحر في الشمس و يصير في عقود قصب اليراع و أقيمت تلك القصبة أياما في بيت بارد حتى يعود الى جموده ثم ختمت أفواه القصب بالقصة و حمل فإذا أريد تقويمه على الموائد ضرب بالقصبة الأرض و انفلقت عن قصبة عسل قائمة فقطعت بالسكين (على طيفورية او رغيف)، و باليمن من غرائب الحبوب ثم من البرّ العربي فإذا ملك عجينة ثم أردت قطع شيء منه تبع القطعة منه تابعة منه يطول كتابعه القبيط، و الميساني و النسول لا يكون الا بنجران، و منه الأذرع و الأحمر الأملس و الأحمر الأجرش و اللوبياء و العتر و الطهف و ألوان الذرة البيضاء و الصفراء و الحمراء و الغبراء و السمسم الذي لا يلحق به لاحق خاصة الماربي و الجوفي كثير الضيا صاف طيب، و قد يزرع بها الحمص و الباقلاء و الكمون و غير ذلك. و من عجائب اليمن أن أكثر زروعها أعقار فلذلك متّن عجينها و لان خبزها و هو أن تشرب الجربة في آخر تموز و أول آب ثم تحرث بأيلول إذا حمّت أي شربت ماءها و جفّ وجهها. و تحرث في تشرين وجف وجهها ثم تحرث في تشرين كرّة أخرى ثم في تشرين الآخر كرة ثالثة ثم بذرت في كانون الأول فأقام فيها الزرع إلى أيار و صرب و لم يصبه (ماء) و أما مأرب و الجوف و بيحان فان الودن و هو الجربة و الزهب بلغة أهل تهامة يمتلىء من السبيل فإذا امتلأ نف فيه الطهف أو الدخن فنضب الماء ثار بينه فلا تحم الجربة في شهر و أيام حتى يصرم و تحرث للزرع الذي ذكرناه، و ربما طرح في الودن مع بذر الذرة السمسم و اللوبياء و العتر و القثاء و البطيخ و القرع فبلغ كل ذلك أول أول و هذا يكون في أقاصي الجوف مثل أعراض نجد و نجران و الجوف و مأرب و بيحان و تهامة عن كملها. و من ذلك الذرة بنجران من قابل يام يكون في قصبة الذرة مطوان و ثلاثة و أكثر. و من ذلك الأترج بنجران لأحماض فيه كبار أحلى من العسل تبلغ الواحدة ربع دينار و ليس له نظير في بلد. و من ذلك سكر العشر لا يكون إلا بنجران و هو سكر ينزل من الهواء على ورق العشر في قولهم و اخاله فيكون بقدرة اللّه تعالى من العشر و قد يوجد منه شيء في الموضع على غير العشر و هو ضرب من المنّ و هيئته مثل قطع اللبان و المصطكى و قد يحل و يعمل منه سكر كبار يطبع في قوالب، و قد أهديت منه الى أخ لي بالعراق فأعجب به من رآه. و المحط و يسمى القصاص و هو حالق للباسور و لا تصيب هذه العلة أحدا بخيوان لاستعمالهم إياه في القدور و يعقد بالعسل و يهدى، و أهدي منه بعض سلاطين تهامة الى العراق و جرت كتب إليه أن احتفظ بحظائر هذه الشجرة فأعلمهم أنه نبات جبال وادعة و أرحب. و منها الورس و اللبان اللذان لا يكونان في غير اليمن و يصيران في جميع الأرض. و منها النخل البعل الذي لا يشرب إلا من السيل و ربما أسنت فأتى بالتمر عن ري سنة و ثنتين. و منها القسب من التمر الذي يسحق و يحلو مع السويق كالقند (فذاك بنجران) و بها المدبس الذي لا يلحق به بردى خيبر قال لي أبي رحمه اللّه: قد دخلت الكوفة و بغداد و البصرة و عمان و مصر و مكة و أكثر بلاد النخل و طعمت التمر ما رأيت مثل مدبس نجران جودة و عظم تمره خاصة تملأ الكف التمرة، و بها من الجرب الكبار التي تأتي بعشرين ألف ذهب فذاك ثلاثون ألف قفيز. انتهى ما ذكره الهمداني في كتاب صفة الجزيرة عن صنعاء و بلادها. (11)
و قال في معجم البلدان: صنعاء منسوبة الى جودة الصنعة في ذاتها كقولهم امرأة حسناء و عجزاء و شهلاء، و النسبة إليها صنعاني على غير قياس كالنسبة الى بهراء بهراني، و صنعاء موضعان أحدهما باليمن و هي العظمى و أخرى قرية بالغوطة من دمشق، فأما اليمانية فقال أبو القاسم الزجاجي: كان اسم صنعاء في القديم أزال قال ذلك الكلبي و الشرقي و عبد المنعم فلما و افتها الحبشة قالوا نقم نقم فسمي الجبل نقم أي انظر، فلما رأوا مدينتها وجدوها مبنية بالحجارة حصينة قالوا هذه صنعة و معناه حصينة فسميت صنعاء بذلك، و بين صنعاء و عدن ثمانية و ستون فرسخا، و صنعاء قصبة اليمن و أحسن بلادها تشبه بدمشق لكثرة فواكهها و تدفق مياهها فيما قيل. و قيل سميت بصنعاء بن أزال بن يقطن بن عابر بن شالح و هو الذي بناها، و طول صنعاء 63 درجة و 30 دقيقة و عرضها 14 درجة و 30 دقيقة و هي في الأقليم الأول، و قيل كانت تسمى أزال، و قال ابن الكلبي: إنما سميت صنعاء لأن و هرز لما دخلها قال صنعة صنعة يريد أن الحبشة أحكمت صنعتها، قال: و إنما سميت باسم الذي بناها و هو صنعاء بن أزال بن عبير بن عابر بن شالح فكانت تعرف بأزال تارة و تارة بصنعاء. و قال عمارة بن أبي الحسن: ليس بجميع اليمن أكبر و لا أكثر مرافق و أهلا من صنعاء و هو بلد في خط الإستواء و هي من الإعتدال من الهواء بحيث لا يتحول الانسان من مكان طول عمره صيفا و لا شتاء، و تتقارب بها ساعات الشتاء و الصيف و بها بناء عظيم قد خرب و هو تل عظيم عال و قد عرف بغمدان. و قال معمر: وطأت أرضين كثيرة شاما و خراسان و عراقا فما رأيت مدينة أطيب من صنعاء. و قال أبو محمد اليزيدي يمدح صنعاء. سقيا لصنعاء لا أرى بلدا أوطنه الموطنون يشبهها خفضا ولينا و لا كبهجتها أرغد أرض عيشا و أرفهها يعرف صنعاء من أقام بها أغذى بلاد غذا و أنزههها و قدم يزيد بن عمرو الصعق صنعاء و رأى أهلها و ما فيها من العجائب فلما انصرف قيل له: كيف رأيت صنعاء؟ فقال: و من ير صنعاء الجنود و أهلها و جنود حمير قاطنين و حميرا يعلم بأن العيش قسم بينهم حلبوا الصفاء فانهلوا ما كدرا و يرى مقامات عليها بهجة يأرجن هنديا و مسكا اذفرا و كان زياد بن منقذ العدوي نزل صنعاء فاستوبأها و كان منزله بنجد في وادي أشي فقال يتشوق بلاده: لا حبذا أنت يا صنعاء من بلد و لا شعوب هوت مني و لا نقم الأبيات المشهورة و هي في ديوان الحماسة و معجم البلدان. قال صاحب المعجم: و قد نسب الى صنعاء كثير من الفضلاء و أجلّهم قدرا في العلم عبد الرزاق بن همام بن نافع أبو بكر الحميري مولاهم الصنعاني أحد الثقاة المشهورين، قال أبو القاسم قدم الشام تاجرا و سمع بها الأوزاعي و سعيد بن عبد العزيز و سعيد بن بشير و محمد بن راشد المكحولي و إسماعيل بن عباس و ثور بن يزيد الكلاعي و حدّث عنهم و عن معمر بن راشد و ابن جريج و عبد اللّه و عبيد اللّه ابني عمرو بن مالك بن أنس و داود بن قيس الفراء و أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي سبرة و عبد اللّه بن زياد بن سمعان و ابراهيم بن محمد بن أبي يحيى و أبي معشر نجيح السندي و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم و معتمر بن سليمان التيمي و أبي بكر بن عباس و سفيان الثوري و هشيم بن بشير الواسطي و سفيان بن عيينة و عبد العزيز بن أبي زياد و غير هؤلاء. روى عنه سفيان بن عيينة و هو من شيوخه و معتمر بن سليمان و هو من شيوخه و أبو أسامة حماد بن أسامة و أحمد بن حنبل و يحيى بن معين و إسحاق بن راهويه و محمد بن يحيى الذهلي و علي بن المديني و أحمد بن منصور الرمادي و الشاذكوني و جماعة وافرة آخرهم إسحاق بن إبراهيم الدبري، و لزم معمرا ثلاثين سنة، قال أحمد بن حنبل: أتينا عبد الرزاق قبل المائتين و هو صحيح البصر و من سمع منه بعد ما ذهب بصره فهو ضعيف الاسناد. و كان أحمد يقول: إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق، و قال أبو خيثمة زهير بن حرب. لما خرجت أنا و أحمد بن حنبل و يحيى بن معين نريد عبد الرزاق فلما وصلنا مكة كتب أهل الحديث الى صنعاء إلى عبد الرزاق قد أتاك حفاظ الحديث فانظر كيف تكون أحمد بن حنبل و يحيى بن معين و أبو خيثمة زهير بن حرب، فلما قدمنا صنعاء أغلق الباب عبد الرزاق و لم يفتحه إلا لأحمد بن حنبل لديانته فدخل فحدّثه بخمسة و عشرين حديثا و يحيى بن معين بين الناس جالس فلما خرج قال يحيى لأحمد: أرني ما حلّ لك فنظر فيها فخطّأ الشيخ في ثمانية عشر حديثا فلما سمع أحمد الخطأ رجع فأراه مواضع الخطأ فأخرج عبد الرزاق الأصول فوجده كما قال يحيى ففتح الباب و قال: ادخلوا و أخذ مفتاح بيته و سلمه الى أحمد بن حنبل و قال هذا البيت ما دخلته يد غيري منذ ثمانين سنة أسلمه إليكم بأمانة اللّه على أنكم لا تقولون ما لم أقل و لا تدخلون عليّ حديثا من حديث غيري ثم أومأ إلى أحمد بن حنبل و قال: أنت أمين الدين عليك و عليهم فأقاموا عنده حولا. أنبأنا الحسن بن رستو أنبأنا أبو عبد الرحمن النسائي قال عبد الرزاق بن همام فيه نظر لمن كتب عنه بآخره، و في رواية أخرى عبد الرزاق بن همام لمن يكتب عنه من كتاب ففيه نظر و من كتب عنه بآخره حاد عنه بآحاديث مناكير. حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي قلت عبد الرزاق كان يتشيع و يفرط في التشيّع قال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئا و لكن كان رجلا تعجبه الأخبار. و أنبأنا مخلد الشعيري قال: كنا عند عبد الرزاق فذكر رجل معاوية فقال: لا تقذروا مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان. أنبأنا علي بن عبد اللّه بن المبارك الصنعاني يقول: كان زيد بن المبارك لزم عبد الرزاق فأكثر عنه ثم حرق كتبه و لزم محمد بن ثور فقيل له في ذلك فقال: كنا عند عبد الرزاق فحدّثنا بحديث معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن أبي الحدثان الطويل فلما قرأ قول عمر لعلي و العباس فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك و يطلب هذا ميراث امرأته من أبيها قال ألا يقول الأنوك: رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم قال زيد بن المبارك: فقمت فلم أعد إليه و لا أروي عنه حديثا أبدا. (12)
أنبأنا أحمد بن زهير بن حرب قال: سمعت يحيى بن معين يقول و بلغه أن أحمد بن حنبل يتكلم في عبد اللّه بن موسى بسبب التشيع قال يحيى: و اللّه الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة لقد سمعت من عبد الرزاق في هذا المعنى أكثر مما يقول عبد اللّه بن موسى لكن خاف أحمد أن تذهب رحلته. أنبأنا سلمة بن شبيب قال: سمعت عبد الرزاق يقول و اللّه ما أشرح صدري قط أن أفضل عليا على أبي بكر و عمر رحم اللّه أبا بكر و رحم اللّه عمر و رحم اللّه عثمان و رحم اللّه عليا و من لم يحبهم فما هو بمسلم فإن أوثق عملي حبي إياهم رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين، و مات عبد الرزاق في شوال سنة 211 رحمه اللّه. انتهى ما ذكره ياقوت باختصار و حذف لما أدمجه في صفة قصر ريدان بظفار و زعمه أن صنعاء كانت تسمى ظفار و ليس كذلك، فظفار في بلاد يحصب من قضاء يريم و سنذكرها في محلها إن شاء اللّه تعالى. و قال في معجم البلدان أيضا: غمدان غمدان بضم أوله و سكون ثانيه قال هشام بن محمد بن السايب الكلبي أن ليشرح بن يحصب أراد إتخاذ قصر بين صنعاء و ظبوة فأحضر البنائين و المقدرين لذلك فمدوا الخيط ليقدروه فانقضّت على الخيط حدأة فذهبت به فاتبعوه حتى ألقته في موضع غمدان فقال ليشرح: ابنوا القصر في هذا المكان، فبني هناك على أربعة أوجه وجه أبيض و وجه أحمر و وجه أصفر و وجه أخضر و بنى في داخله قصرا على سبعة سقوف بين كل سقفين منها أربعون ذراعا، و كان ظله إذا طلعت الشمس يرى على عيبان و بينهما ثلاثة أميال و جعل في أعلاه مجلسا بناه بالرخام الملوّن و جعل سقفه رخامة واحدة و صير على كل ركن من أركانه تمثال أسد من شبه كأعظم من يكون من الأسد فكانت الريح إذا هبت الى ناحية تمثال من تلك التماثيل دخلت من دبره و خرجت من فيه فيسمع له زئير كزئير السباع و كان يأمر بالمصابيح فتسرج في ذلك البيت ليلا فكان سائر القصر يلمع من ظاهره كما يلمع البرق فاذا أشرف عليه الانسان من بعض الطرق ظنه برقا أو مطرا و لا يعلم أن ذلك ضوء المصابيح، و فيه يقول ذو جدن الهمداني: و غمدان الذي حدّثت عنه بناه مشيدا في رأس نيق بمرمرة و أعلاه رخام تخام لا يغيب بالشقوق مصابيح السليط يلحن فيه إذا يمسى كتوماض البروق و في غمدان و ملوك اليمن يقول دعبل بن علي الخزاعي: منازل الحي من غمدان فالنضد فمأرب فظفار الملك فالجند أرض التبابع و الأقيال من يمن أهل الجياد و أهل البيض و الزرد ما دخلوا قرية إلا و قد كتبوا بها كتابا فلم يدرس و لم يبد بالقيروان و باب الصين قد زبروا و باب مرو و باب الهند و الصغد و هدم غمدان أيام عثمان رضي اللّه عنه فقيل له إن كهان اليمن يزعمون أن الذي يهدمه يقتل فأمر بإعادة بنائه فقيل له لو أنفقت خرج الأرض ما أعدته كما كان فتركه. و قيل وجد على خشبة لما هدم مكتوب برصاص مصبوب «أسلم غمدان، هادمك مقتول» فهدمه عثمان رضي اللّه عنه فقتل. انتهى ما ذكره ياقوت. و قال في معجم البلدان: القليس تصغير قلس و هو الحبل الذي يصير من ليف النخل أو خوصه. لما ملك أبرهة ابن الصباح اليمن بنى بصنعاء مدينة لم ير الناس أحسن منها و نقشها بالذهب و الفضة و الزجاج و الفسيفساء و ألوان الأصباغ و صنوف الجواهر و جعل فيه خشبا له رؤوس كرؤوس الناس و لكّكّها بأنواع الأصباغ و جعل لخارج القبة برنسا فإذا كان يوم عيدها كشف البرنس عنها فتلألأ رخامها مع ألوان أصباغها حتى تكاد تلمع البصر و سمّاها القلّيس بتشديد اللام. و روى عبد الملك بن هشام و المغاربة القليس بفتح القاف و كسر اللام، و كذا قرأته بخط السكري أبي سعيد الحسن بن الحسين، أخبرنا سلمويه أبو صالح قال: حدّثني عبد اللّه بن المبارك عن محمد بن زياد الصنعاني قال: رأيت مكتوبا على باب القليس و هي الكنيسة التي بناها أبرهة على باب صنعاء بالمسند «بنيت هذا لك من مالك ليذكر فيه إسمك و أنا عبدك». كذا بخط السكري بفتح القاف و كسر اللام، قال عبد الرحمن بن محمد: سميت القليس لارتفاع بنائها و علوها و منه القلانس لأنها في أعلى الرؤوس، و يقال تقلنس الرجل و تقلس إذا لبس القلنسوة، و قلس طعامه إذا ارتفع من معدته إلى فيه، و ما ذكرنا من أنه جعل على أعلى الكنيسة خشبا كرؤوس الناس و لككها دليل على صحة هذا الإشتقاق، و كان أبرهة قد استذل أهل اليمن في بنيان هذه الكنيسة و جشمهم فيها أنواعا من السخر و كان ينقل إليها آلات البناء كالرخام المجزع و الحجارة المنقوشة بالذهب من قصر بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام و كان من موضع هذه الكنيسة على فراسخ و كان فيها بقايا من آثار ملكهم فاستعان بذلك على ما أراده من بناء هذه الكنيسة و بهجتها و بهائها، و نصب فيها صلبان من الذهب و الفضة و منابر من العاج و الآبنوس و كان أراد أن يرفع في بنيانها حتى يشرف منها على عدن. و كان حكمه في الصانع إذا طلعت الشمس قبل أن يأخذ في عمله أن تقطع يده فنام رجل منهم ذات يوم حتى طلعت الشمس فجاءت أمه و هي امرأة عجوز فتضرعت إليه تستشفع لابنها فأبى إلا أن تقطع يده فقالت: اضرب بمعولك اليوم فاليوم لك و غدا لغيرك قال لها: ويحك ما قلت‌؟ قالت: نعم كما صار هذا الملك إليك من غيرك فكذلك سيصير منك الى غيرك فأخذته موعظتها و عفا عن ولدها و عن الناس من العمل فيما بعد، فلما هلك و مزقت الحبشة كل ممزق و أقفر ما حول هذه الكنيسة و لم يعمرها أحد كثرت حولها السباع و الحيات و كان كل من أراد أن يأخذ منها أصابته الجن فبقيت من ذلك العهد بما فيها من العدد و الآلات من الذهب و الفضة ذات القيمة الوافرة و القناطير من المال لا يستطيع أحد أن يأخذ منه شيئا إلى زمان أبي العباس السفاح فذكر له أمرها فبعث إليها خاله الربيع بن زياد الحارثي عامله على اليمن و أصحبه رجالا من أهل الحزم و الجلد حتى استخرج ما كان فيها من الآلات و الأموال و خربها حتى عفا رسمها و انقطع خبرها، و كان الذي يصيب من يريدها من الجن منسوبة إلى كعيت و امرأته صنمان كانا بتلك الكنيسة بنيت عليهما فلما كسر كعيت و امرأته أصيب الذي كسرهما بجذام فافتتن بذلك رعاع اليمن و قالوا أصابه كعيت. (13)
و ذكر ابو الوليد كذلك من أن كعيتا كان من خشب طوله ستون ذراعا و قال الحسم شاعر من أهل اليمن. من القليس هلال كلما طلعا كانت له فتن في الأرض أن تقعا حلو شمائله لو لا غلائله لمال من شدة التهييف فانقطعا كأنه رجل يسعى الى رجل قد شد أقبية السدّان وادّرعا و لما استتم أبرهة بنيان القليس كتب الى النجاشي أن قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك و لست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب، فلما تحدّث الناس بكتاب أبرهة الذي أرسله الى النجاشي غضب رجل من النّساءة أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، و النساءة هم الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية أي يحلونها فيؤخرون (الشهر من الأشهر الحرم الى الذي بعده و يحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل و يؤخرون) ذلك الشهر، مثاله أن المحرم من الأشهر الحرام فيحلون فيه القتال و يحرمونه في صفر، و فيه قال اللّه تعالى: إِنَّمَا اَلنَّسِيءُ زِيٰادَةٌ فِي اَلْكُفْرِ الآية. قال ابن إسحق فخرج الفقيمي حتى أتى القليس و قعد فيها يعني أحدث و أطلى حيطانها ثم خرج حتى لحق بأرضه فأخبر ابرهة فقال: من صنع هذا؟ فقيل له: هذا فعل رجل من أهل البيت الذي يحج إليه العرب بمكة لما سمع قولك أصرف إليها حج العرب غضب فجاء فقعد فيها أي إنها ليست لذلك بأهل، فغضب أبرهة و حلف ليسيرن حتى يهدمه و أمر الحبشة بالتجهيز فتهيأت و خرج و معه الفيل فكانت قصة الفيل المذكورة في القرآن العظيم. انتهى ما ذكره ياقوت. و قال ابن مخرمة في كتاب النسبة الى البلدان: يقال إن صنعاء اليمن أول بلد بنيت بعد طوفان نوح قاله في مشارق الأنوار، قيل و سكنها سام بن نوح و هي قديمة أقدم من عدن و من صنعاء دمشق و كان فيها غمدان بوزن عثمان قال في تاريخها: إختلف في سمكه بعد ما زاد فيه التبابعة من حمير و كان من المباني العجيبة و أصح ما قيل فيه أنه عشرون سقفا بين كل سقفين عشرون ذراعا و قيل عشرة أذرع و في رأسه غرفة من زجاج طولها اثنا عشر ذراعا و عرضها كذلك فكان ينبسط ظله على ثلاثة فراسخ الفرسخ ثلاثة أميال الميل أربعة آلاف خطوة الخطوة ذراعان و كان إذا سرّج فيه الشمع يراه الناظر مثل النجم الزاهر فلم يزل قائم العمارة الى أن هدمه فروة بن مسيك المرادي بأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، و قيل هدم في أيام أبي بكر و قيل في أيام عثمان، و روى ابن عبد المجيد في كتاب بهجة الزمن في أخبار اليمن: أن دور صنعاء بلغت مائة و عشرين ألف دار و مساجدها ثلاثة عشر ألف مسجد و حماماتها كذلك، و عدد مساكن القطيع سبعون ألف مسكن و القطيع ربعها ثم تلاشت في أيام أحمد بن قيس الضحاك سنة ثمان و ثلاثمائة للهجرة فكانت ألف دار و أربعين دارا، و اختلفوا في من بنى جامع صنعاء، فقيل أبان بن سعيد بن العاص و قيل و بر بن يحنس الخزاعي و هو ممن بعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و كتب اليه أن يبني الحائط الذي لباذان مسجدا و يجعله من الصخرة الى موضع جداره و يستقبل بقبلته جبل ضين. انتهى ما ذكره ابن مخرمة. و مما تضمنته أرجوزة القاضي محمد بن إبراهيم السحولي رحمه اللّه في وصف صنعاء قوله: صنعاء طابت أرضا بغيرها لا أرضى و قد قلبت الأرضا خبرا فكان الأرضى فيما رأيت صنعا للمحسنين صنعا إذ فاقت الأماكنا و فاتت المساكنا هي البلاد الطيبة في سبأ مكتبة فصولها جميع أربعها ربيع خير الجنان الأربع في خبر المشفع ما تشتهيه الأنفس بها و يهوى الكيس من دينه و الدنيا و من جميع الأشيا يحار فيها الواصف و لا يحير العارف في وصفها جوابا تستوعب الأبوابا فيها كمال الدين و الصدق و اليقين و العدل و الإحسان و الأمن و الأمان بها أمان الخائف من جملة المخاوف و كم بها و كم بها لمن غدا منتبها ما شئت من عجائب بها و من غرائب فيها من المساجد كاملة المقاصد ما ليس في سواها واها لصنعاواها بها الرجال الكملة العلماء العملة و حاملوا القرآن و السبعة المثاني كم قارئ للسبع ذك كريم الطبع و كم ترى من قاري في ظلمة الليالي كم في زوايا الجامع من ساجد و راكع لم يخل من صلاة في أكثر الأوقات إلا مدى يسيرا فاسأل به خبيرا و من عجيب العجب بين العشاء و المغرب لا سيما في شهر فيه ليالي القدر و ليس ذا بجاري في سائر الأقطار و كم بها من عالم مشيد المعالم صب بدرس العلم طب ذكي الفهم يملي على العموم فرائد العلوم و كم لقيت فيها ذا فطنة نبيها ممن بقي و من مضى قضى عليهم من قضى كانوا شموسا مشرقة كانوا رياضا مورقة كانوا جميعا أنسا ما فيهم من ينسى و العلماء زينه للبدو و المدينه و هم خيار الناس بالنص و القياس و هم حياة الأرض قولا لربي يرضي من لم يكن ذا علم و فطنة و فهم يدري بقول ربه و ما وحى في كتبه و ما رواه العلما و ما حكاه الحكما و يفهم الدقيقه و يعرف الحقيقه و يسمع الخطابا و يحسن الجوابا فعده بهيمه و بع بغير قيمه و منها: للّه در صنعا فاقت و راقت صنعا فهي أبرّ والده و خير ضئر راصده صده كم ولدت من فضلا كم حضنت من نبلا كم عللت من ولد يوما بثدي الرشد فصيرتهم أوليا و صورتهم أتقيا و كم حوت عجائبا و كم أرت غرائبا و كم بها من دور مطالع البدور تشتاقها النفوس كأنها الفردوس هذا و في الأسواق عجائب الأرزاق كم مشتر و بائع لنخب البضائع لم تخل من فواكه و من صياح الفاكهي إلا مدى يسيرا مقدرا تقديرا كشهر أو شهرين صدق بغير مين و كم بها ذي حرفه و نسك و عفه و بائس مسكين بطاعة و دين و من فقير صابر و من غني شاكر يعطي لوجه اللّه عن كل لهو لاهي و كم بها من عجب و نكت و نخب و الاختصار أولى صدقت قولي أولا سقى ربا صنعاء و ساق للحمراء و عصر و ذهبان إلى نواحي سعوان و روضة أريضه طويلة عريضه أنهارها تجارى كأحنش تبارى و مثلها الجراف راقت له أوصاف و بعده بير العزب من حسنها تقضي العجب و لو ذكرت السعدي فذاك روضي وحدي فيه من المعاني ما ليس في مكان بر كثير البر في برده و الحر رق و راقت طبعا لأنه من صنعا فهو كجزء منها له انفصال عنها و لو ذكرت حده لكان فخرا وحده هيهات أن يداني ذا الأفق الصنعاني شيء من البقاع بالنص و الإجماع و لو ذكرنا الوادي همنا بكل واد للّه وادي ضهر و شرحه للصدر و لو ذكرنا السرا كشفت منه سرا و الذكر للغراس مسك لذا القرطاس مرتبع الأمامة و منبع الزعامة سوح الإمام المهدي خير إمام يهدي ثم صلاة اللّه تبقى بلا تناهي لمن له الشفاعه يوم تقوم الساعه و قد ختمت نظمي على سقام فهمي عام ثمان ماضية من بعد ألف و مائه. (14) 
انتهى نقل المحتاج من أرجوزة القاضي محمد بن ابراهيم السحولي رحمه اللّه و هي طويلة جدا، و مما نظمه السيد الأديب علي بن حسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن محمد المعروف بالخفنجي رحمه اللّه في المفاخرة بين الروضة و بئر العزب قوله: بير العزب قالت لورضة أحمد قد عندنا حمام و دور مشيد و سوحنا فيه الهزار غرّد و الغيم خيم فوقنا و أرعد فحققي يا عجزة المخارف ما فيك من معنى و من لطايف و من مضى من شارع المخالف يلقاه غولي في الطريق ممدد أجابت الروضه بقول حالي سوا سوا يا سعلة القزالي توخري باللّه من قبالي ما فيك من هذا البياض مبزد فالرازقي فيا ذهب قطلّي عنب حكى أعناب أرض دلّي يسوى صبوحه ألف قرش فلّي مثل الذهب في الكف حين ينقد فجوبت بير العزب بسرعه قالت لي الحسن البديع جمعه بين المخارف قد بقيت سمعه و الأنس عندي كل يوم يجدد أما العنب هو في الرحيب موجود و في الخشب كهرب و أنس مفقود فليس هذا في الفخار معدود و انتي غديتي للهموم معبد فقالت الروضة تفاخريني قدك فدا تشتي تداحريني و كل ساع و انتي تناخريني و بيننا العدل الجراف يشهد أما أنا فأنا محل حاتم و السعد عندي لم يزل ملازم و جامعي كم فيه من عوالم للحسن جامع في الأنام مزيد فجوبت بير العزب بضحكه و فعررة فيها غنج و حركه قالت معي حمام و سوق بسكه و سمسرة للبانيان و مجرد ما فرضنا و الفخر بالمساجد و كل راكع في الصلاة و ساجد ما يفتخر إلا بغصن مايد عليه شحرور السرور غرد فقالت الروضة: حلا و خطفه يا ناقصة في العقل يا مخفة يا ناجعة ما فيك قليل عفه فلليهود انتي طريق مؤبّد فأنا أعرفك ما فيك ربع عامر ما مهرتك ما انتي من السماسر من أي حين قد حزتي المفاخر لك ام قالد و الوجه المكدكد فجوبت ماذا مع العجايز قد ذه خدودك تشبه القزاقز و كم سواقي في الجبين لعاوز و الدبدبي مثل الوطاف مكند لا تفخري يا أهلي على الصبايا فليس بنت البيت كالبزايا هيهات ما الذرعوف كالدرايا و لا جديد الطاس كالممشدد فقالت الروضة كلام معقال ما ينقص العقال كلام جهال أما أنا فيّا تقى و ديوال ما أهاجي الجاهل بقول مقلفد حظايري تسقى بغيل و سيال ظلت على غيلي غصون سيّال في الزرجلة تجري و بير جوال و الدرب منه قد شرب و عربد فجوبت بير العزب بانصاف إن كان عندك غيل فعندي آلاف لا عادك اللّه يا عجوز و للقاف هذا جبينك او عريم موقد عندي هوا ألطف من المدامه و في غصوني تسجع الحمامه و فوق روضي تبكي الغمامة و انتي قبيلية من أرض محفد فقالت الروضة الى هنا كان و قد طلع حرقانها بدخان و جرت النهدة من أرض سعوان و زعنها فيه الكور قد أزبد و كسرت من بعد ذا الحداود و هزت اللبات و القلايد لا تشغبيني حلت أم قالد هذا الجراف ما بيننا مقلد قام الجراف و استجرد الخزاين و قال في بير العزب محاسن فيها من الجو الرقيق معادن فمثلها في الأرض ليس يوجد و في الرياض معنى و كرم طيب و الطير في أغصانها يشبب و السحب فيها للخيام مطنب لها جديد الحسن صار مسند فحين سمع هذا الكلام ذهبان قال حكموني في المقال يا إخوان و قد عصر زنده و بهرر أعيان قال اسمعوا لي قول ليس ينقد فقام ثقبان بعد ذا يناخر و قال به عقال و به أكابر و عاد للوادي كلام ظاهر فقامت القرية لهن تهدد و قام سعوان من هناك يفارع حين أبصر الهزات و الوقايع و العشتين له في الكلام تقاطع جوب فليح صلوا على محمد ما فايدة يا ناس في التفصاح و كثرة الأقوال و التجراح ما عاد يفيد العفط و التشباح فمن كمل عقله فهو مزيد صلين عليه يا جملة المخارف انتين لسعوان كلكن مكالف لا تكثرين الهرج يا لفالف ما منكن أحد زايدة على احد فقال ذهبان هكذا نودف خلينني بين النسا مخنجف و اقبل إليهم بالكلام يهرف وادى كلام جيفة مقلفد أسود و قام جدر من بعد ذا توزر و زاد تلحف و اقتطب و شيّر و اسوى الطلف فوقه و زاد تمشقر و شل قصره هايلة و معود و قال باللّه يا فليح و انا بين النسا معدود يا خزانا و انا محشم لك فذا جزانا و ذا القفص حقك شبيه مكرد فحين سمع هذا براش تبرطم و قال ما هذا الكلام و غمغم من ذا على شيخي فليح تكلم و الجار تحميه الكرام في الحد عصر نقم رأسه طريق سعوان و قال هذا يا براش تجنان بتهتري غيرهن نساء وقعان ما كنت اظنك للنسا تهدد فقال ذمرمر ما مع الجماعه و أظهر الزيناط و الشجاعه و قال في هذا الكلام بشاعه كلين مكانه لا يجاوز الحد فحين بلغ صنعا الكلام غارت شلت صوامعها الكبار و سارت فأبصرت أنا ذهبان و قد تفالت و قد براش من خوفها تمدد و حين سمع سعوان سكت و قطا و ادخل فليح في قبلته و غطا و قال ما حد من أزال يسطى و أقبل إليه ذهبان مريض مجلمد و زلجت صنعا شعوب في سع يأخذ لها صيب الكلام و يرجع قالت إذا أبصرت الجراف فاصفع هي فعلته يوم جا و هو ممشدد و ما أشوعه يوم يلبس القصيرة يشارط الحامي على الفطيرة النض فيهم متزر حصيرة و الا معه باقي و ظف و مبزد و ردهن كلين الى مقره لأن ذا شي قد كفيت شره حر البديع في ذا الكلام حره قد اطلعه ملقن فصيح محتد انتهى ما نظمه السيد علي الخفنجي رحمه اللّه و فيه من الألفاظ العامية و اللحن ما ترى لكن معانيه لطيفة، و كان هذا السيد أعجوبة في الهزل و المجون، يعارض القصائد العجيبة بهزلياته المضحكة، كقوله في عراض قصيدة محمد بن عبد اللّه بن الإمام شرف الدين التي مستهلها: شقيق القمر أسفر بديجور فينانه جمع خده الأزهر من السحر ألوانه أموت كلما فتر و حوم بأجفانه فسبحان من صور جماله و من زانه عارضها بقوله: بدا الخل من منظر دفل فوق جيرانه بقت دفلته سكر يسيل بين أسنانه و فيه نكهة العنبر و لونه و دخانه و خالات مسك أذفر مقرطس بأوجانه توشيح بدا له عذار زغبر مهيفل كبير أصفر و لونه قذال أشقر تقفيل فما أسرع تقل عرعر تقاداه صوفانه و كان صورته تسحر و كيف كانت أعيانه بيت فما زاد بقاش أمرد يقلي لي فلان أديه فوهف لي على الموقد و عتق عقيدة فيه و من دق قل ما أحد و إن هو صديق فاديه و إن ما بقى معذر فيدخل شيطانه توشيح علامه لحا اللاحي و ما شان بواحي و له خدّ قحقاحي تقفيل إذا جا الى المسمر تركته و مرنانه و سنب إذا قنبر و لو فتر اجفانه و قهويه عصماني و داهق عليه كاسه فقد يقتلب ثاني إذا ماح في رأسه و يرقص و هو واني و قد طابت أنفاسه و ما احلاه إذا شخر و أبدى لك أسنانه توشيح كثير عشق عزّة و قالي إن فيه قمزه و هو في مية عجزه تقفيل و قد له ماية و أكثر عرف نوح و أزمانه عيبقى الى المحشر و ما راحت أسنانه بيت و لكن يفعل فيك مع لفتته ما أحلاه و كم قد فتن نسّيك و ذلحين قبلناه و له هنهنة تسبيك و لكن من خلاه و عشاق مثل الذر فسبحان من عانه توشيح رشا قد يبس قده و ولى خفر خده و ناره مع ورده تقفيل تعسكر مع قيصر و كان قايد أعوانه و كان له شنب عصفر إلى خلف آذانه انتهى.( 15)
و صنعاء في العصر الحاضر تشمل ثلاثة أحياء، الأول صنعاء و هو الجانب الشرقي و هو أعظمها، ويليه بير العزب غربي صنعاء، ثم قاع اليهود غربي بير العزب و الثلاثة الأحياء محاطة بسور مساحته نحو خمسة أميال له أبواب من جنوبيه باب اليمن و باب خزيمة و باب البلقة، و من غريبه باب القاع، و من شماليه باب شعوب و باب الشقاديف و باب الروم. و لقصر صنعاء باب الى خارج المدينة يسمى باب ستران، و القصر المذكور شرقي صنعاء متصل بها، و لم يكن في بقعة غمدان فان مكان غمدان شمالي الجامع الكبير و هو تل مرتفع و فيه دكاكين للحدادين و من إليهم. و محل القليس في شرقي السوق بالقرب من مسجد موسى معروفة بعزقة القليس الى الآن. أما مساجد صنعاء فالعامر منها اليوم نحو ثمانين مسجدا و مثلها المساجد الدارسة و تعرف عند أهل صنعاء بالمساجد المنسية، و قد ذكرتها في تاريخ مساجد صنعاء، و بينت فيه عامرها و من زاد فيها و أضفت إلى ذلك فوائد تتعلق بالمساجد. و أشرف مساجد صنعاء و أقدمها هو الجامع الكبير المقدس، أول من أسّسه وبر بن يحنّس الأنصاري الصحابي في زمن الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم سنة ست هجرية كما حكاه الرازي في تاريخ صنعاء و هو أبو العباس أحمد بن عبد اللّه بن محمد الرازي ترجمه الأهدل في تاريخه، و قد زاد فيه أيوب بن يحيى الثقفي في زمن الوليد بن عبد الملك الأموي و كان عامله على اليمن، و أخربه السيل في سنة 265 فجدد عمارته الأمير أسعد بن أبي يعفر الحوالي على ما هو عليه اليوم ما عدا الجناح الشرقي فمن عمارة السيدة أروى بنت أحمد بن محمد الصليحي في سنة 525. و من محاسن إمام العصر يحيى بن الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين عمارة المكتبة الى ظهر المنارة الشرقية و نقل نفائس كتبه إليها و ضم اليها ما وجد من الكتب الموقوفة القديمة، و من أنفس ما فيها المصحف الشريف العثماني أحد المصاحف السبعة التي جمعها الصحابة في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللّه عنه، و قد جمع ما حوته الخزانة فهرست خاص و هو الآن يطبع. و هذه المكتبة لا تزال مفتوحة كل يوم لطلبة العلم و من أراد المطالعة و النقل في أي وقت أراد من شروق الشمس الى غروبها، و قد و كل بها من يحفظها من العلماء الأبرار و لهم راتب مقرر شهريا في مقابل ذلك. مساحة جامع صنعاء؛ من الجنوب الى الشمال نحو مائة ذراع حديد، و من الشرق الى الغرب قريب من ذلك، و له منارتان و مطاهير و آبار و خدمة لنزع الماء من الآبار الى المطاهير كل يوم ماء جديد، و هكذا سائر مساجد صنعاء. و من أقدم مساجد صنعاء مسجد الأخضر و يعرف الآن بمسجد خضير قال الرازي: عمّره أبو مطر منيع بن ماجد الهمداني المدري، و زاد فيه القاضي محمد بن حسين الأصبهاني في سنة 407. قلت: و قد زاد فيه و حسّنه الإمام المهدي العباس بن المنصور حسين في القرن الثاني عشر. و مسجد فروة بن مسيك المرادي الصحابي و هو خارج صنعاء في الجهة الشمالية بالقرب من الجبانة و هو مصلى العيدين و هي من عمارة فروة بن مسيك كما في تاريخ الرازي و قد جدد عمارتها الأمير وردسار في سنة 602 كما في اللوح المنصوب في منارة الجامع الغربية، و ممن جدد عمارة الجبانة الأمير اسكندر بن حسام الدين الكردي في سنة 967 كما في اللوح المنصوب في جدار الجبانة القبلي قرب المحراب، و هذا الأمير هو الذي عمّر مسجد الأبرار و يعرف الآن بمسجد الأبزر علو صنعاء كما حكاه في اللوح المذكور، و من محاسنه قبة اسكندر في باب السبحة. و مسجد نقم خارج صنعاء في سفح جبل نقم من المساجد القديمة و مسجد وهب بن منبه الصنعاني خارج صنعاء في العرضي الشرقي و هو مقبور بجوار مسجده. و مسجد الأبهر عمرته فاطمة بنت الأمير الأسد بن ابراهيم بن أبي الهيجاء الكردي زوجة الإمام صلاح الدين و أم ولده الإمام علي بن صلاح، و قد زاد فيه الإمام المنصور حسين بن المتوكل قاسم بن حسين في القرن الثاني عشر. و مسجد الفليحي عمّره الحاج أحمد الفليحي من بني الفليحي البلد المعروفة من أعمال ثلا و هو من فضلاء القرن السابع، و قد زاد فيه الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين و الإمام المهدي صاحب المواهب و الإمام المهدي عباس، و آخر زيادة للسيد فايع في سنة 1194. و مسجد الإمام الناصر صلاح الدين بن المهدي المتوفي سنة 793 و فيه زيادة للشيخ حسن الشاطبي في أول القرن الثاني عشر. و مسجد المدرسة مدرسة الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين و هي في الأصل مسجد الأزهر قيل إنه من عمارة سعد بن أبي وقاص صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، حكي هذا في سيرة الإمام شرف الدين. و مسجد داود بن المكين، و قد زاد فيه الإمام شرف الدين المذكور رحمه اللّه. و مسجد ابن الحسين قيل إنه من عمارة الحسين بن سلامة صاحب زبيد. و مسجد الوشلي و هو في الأصل مسجد الأجذم. و مسجد عقيل ينسب الى عقيل بن أبي طالب، و قد جدد عمارته و زاد فيه شمس الدين بن الإمام شرف الدين كما في مسودة سنان. و مسجد العلمي من عمارة السيد حسين بن يحيى الأخفش في أول القرن الثاني عشر. (16)
و مسجد الجلا عمّره الإمام المهدي بن أحمد بن الحسن بن الإمام القاسم في سنة 1091 في محل كنيسة اليهود بعد أن أخرجهم من صنعاء كما قال القاضي محمد بن ابراهيم السحولي: إمامنا المهدي خير الورى و خير داع من بني القاسم له كرامات سمت لم تكن لها دوي قبل أو قاسمي لو لم يكن منها سوى نفيه يهود صنعاء أخبث العالم و جعله بيعتهم مسجدا لساجد للّه أو قائم قد فاز بالأجر بها غانما و اتفق التاريخ في غانم 1181 و من محاسن الإمام المهدي عباس بن المنصور حسين عمارة قبة المهدي المعروفة بالسايلة و مسجد التقوى في بستان السلطان و مسجد الرضوان في باب اليمن و مسجد النور في حافة معمر. و من محاسن ابنه المنصور علي تجديد عمارة مسجد الزمر و هو في الأصل من عمارة الأمير أزدمر باشا في آخر القرن العاشر فجدد عمارته الإمام المنصور علي. و قبة طلحة عمّرها الوزير محمد باشا في سنة 1028 ثم جدد عمارتها الإمام المهدي عبد اللّه في سنة 1247. و قبة البكيرية عمّرها الوزير حسن باشا في سنة 1005 و نسبت الى مولاه بكير المقبور جوارها. و قبة المرادية في القصر عمّرها مراد باشا في سنة 994. و قبة الإمام في باب السبحة عمّرها إمام العصر يحيى بن محمد حميد الدين و جعل طريق الغيل الأسود من مطاهيرها، و من محاسنه الزيادة النافعة في مسجد حنظل من بير العزب و فيه تقام الجمعة في بير العزب. و مسجد حجر في باب السبحة عمّره الحسين بن القاسم و زاد فيه ابنه العلاّمة محمد بن الحسين و هو مقبور بجواره. و مساجد صنعاء و أخبارها كثيرة و من أراد الإستقصاء طالع تاريخها المذكور آنفا. و في مساجد صنعاء من المنارات العالية منارتا الجامع، و منارة المرادية، و منارة البكيرية، و منارة المدرسة، و منارة صلاح الدين، و منارة مسجد موسى، و منارة مسجد عقيل، و منارة الشهيدين، و منارة مسجد الفليحي، و منارة مسجد خضير، و منارة مسجد فروة، و منارة مسجد العلمي، و منارة قبة طلحة، و منارة مسجد داود، و منارة مسجد الأبهر، و منارة قبة المهدي، و منارة مسجد ازدمر، و منارة مسجد ابن الحسين، و منارة مسجد العرضي الذي عمّره عبد اللّه باشا في سنة 1317، و منارة مسجد الطواشي الذي وسّعه القاضي علي بن حسن الأكوع، و منارة مسجد حنظل، و منارة مسجد القاضي الذي عمّره القاضي علي بن حسن الأكوع في آخر القرن الثاني عشر، و منارة مسجد الكباني الذي عمّره الحاج صالح الكباني و منارة مسجد الصياد. فهذه المنارات المرتفعة غير ما في بعض المساجد من مآذن صغيرة لا ترى من بعيد. و في صنعاء من الحمامات حمام السوق و حمام الميدان و حمام الحميدي و حمام ياسر و حمام الطواشي و حمام سبأ و حمام شكر و حمام الجلا و حمام السلطان و حمام المتوكل و حمام البونية و حمام القاع و حمام علي و حمام الأبهر. و هذه الحمامات العامة غير ما في بعض بيوت الأغنياء من الحمامات الخاصة. و في صنعاء من المدارس المدرسة العلمية التي أسسها مولانا إمام العصر حفظه اللّه تعالى لطلبة العلم من عموم بلاد اليمن و عين لها من أموال المصالح ما تقوم غلاته بكفاية الطلبة و راتب المشايخ على الدوام و جمع إليها فوق ألفي مجلد من الكتب النفيسة في كل فن، و مقدار الطلبة فيها نحو ثلاثمائة، و قد انتفع الناس بها و خرج منها جملة علماء منهم القضاة و العمال و المعلمون. و من أفضل ما عمله صرف غلات الأموال التي وقفها الجهال على قبور الأولياء و الصالحين في نفقات هذه المدرسة فجزاه اللّه خيرا. و يلحق بهذه المدرسة مكتب الأيتام الذي جعله على نفقته و جمع إليه كل يتيم و هم جم غفير يزيدون عن طلبة المدرسة العلمية بكثير، و قد انتفع جمهور منهم و كلما خرج منهم طائفة بعد إكمال التحصيل حل محلهم غيرهم من الأيتام. و هذا المكتب غير المكاتب العمومية بصنعاء و هي كثيرة، و كل مكتب له معلمون على نفقة و زارة المعارف و غير المدرسة الثانوية و غير المدارس الصناعية و المدارس الحربية و الزراعية، و مساجد صنعاء كلها مدارس علمية في كل مسجد منازل خاصة بالمهاجرين من أهل القرى، و المساجد مفروشة بالفرش النفيسة و فيها من المصاحف الخطية العجيبة الثمينة ما يجلّ عن الحصر، و لكل مسجد إمام و سادن و مؤذن و ساني لنزع الماء يوميا من الآبار الى المطاهير و لكل مسجد مقشامة و هي البستان يرسل إليها الماء الماكث من اليوم الأول في المطاهير لتسقى به مزارع البستان من الكراث و البصل و الفجل و الجزر و النعنع و الكبزرة و الذرة و البر و الشعير و أشجار الفواكه كالتين و الرمان و البرقوق و التوت و الفرسك و هو الخوخ و الجوز و غير ذلك من البطاطة و البامياء و الفاصوليا و ما أشبهها، و غلات هذه البساتين يأخذها القشامون الذين ينزعون الماء من البئر فوق ما يقرر لهم من مخزن الوقف شهريا بحسب العمل. و لمساجد صنعاء أوقاف كثيرة في صنعاء و غيرها من بلاد اليمن و لها نظارة مخصوصة تعرف بنظارة الوقف الداخلي، كما إن لسائر أوقاف المساجد في بلاد اليمن نظارة تعرف بنظارة الوقف الخارجي و لها في كل ناحية عامل خاص بالأوقاف يشرف على أعمالها و يرفع إلى النظارة حسابها في كل سنة. و في صنعاء نظارة ثالثة لأوقاف الوصايا كوقف الصدقة و وقف القراءة و نحو ذلك. و في صنعاء من المناهل و المحاسن للشرب كثير في أسواقها و شوارعها و كل محسنة لها وقف يكفل بمصارفها على الدوام و من وقفها أجرة من ينقل إليها الماء كل يوم، و قيمة ما تحتاج إليه من الآنية. و في صنعاء من قبور الفضلاء و العلماء و الأئمة ما لا يعد و لا يحصى كقبر عبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 و قبره في حمراء علب بسفح جبل «نقم» من جنوبيه مشهور، و قبر شيخه معمر بن راشد قال الرازي في تاريخ صنعاء: هو في حقل صنعاء على مقربة من مسجد علي بن أبي بكر الذي يصلى فيه على الموتى، هكذا قال الرازي و أما اليوم فقد خرب المسجد و جهل موضعه و حقل صنعاء هو بير العزب، و قبر وهب بن منبه الصنعاني مشهور جنوبي صنعاء بالقرب من باب اليمن بجوار مسجده. (17)
و من قبور أئمة اليمن بصنعاء قبر الناصر صلاح الدين بن محمد بن المهدي علي بن محمد المتوفى سنة 793 و قبر ابنه علي بن صلاح المتوفى سنة 840 و قبر حفيده محمد بن علي بن صلاح المتوفى سنة 840 و قبر الناصر محمد بن الناصر بن أحمد بن المطهر بن يحيى المتوفى سنة 867 هؤلاء الأربعة الأئمة قبورهم بجوار مسجد الإمام صلاح الدين علو صنعاء. و قبر الإمام صلاح بن علي بن أبي القاسم المتوفى سنة 849 في صوح مسجد موسى. و قبر المنصور الحسين بن المتوكل قاسم بن حسين المتوفى سنة 1161 بجوار مسجد الأبهر، و قبر المهدي محمد بن المطهر بن يحيى المتوفى سنة 728 و قبر ابنه المطهر بن محمد المتوفى سنة 781 كلاهما في العوسجة غربي جامع صنعاء. و قبر الإمام محمد بن الناصر بن محمد بن الناصر بن أحمد بن المطهر بن يحيى المتوفى سنة 908 بجوار مسجد القاسمي. و قبر الإمام يحيى بن محمد السراجي المتوفى سنة 696 و قبر حفيده محمد بن علي الوشلي المتوفى سنة 910 كلاهما بجوار مسجد الوشلي و هو المعروف قديما بمسجد الأجذم و بجوار المسجد المذكور قبر الإمام القاسم بن المؤيد بن القاسم المتوفى سنة 1127 و معه قبر أخيه علي بن المؤيد و فيه يقول الشاعر: قد أخبر الركب أن ابن المؤيد قد ثوى و ادرج تحت الترب و هو علي و إن في الوشلي اختير مضرحه و كيف يضرح لج البحر في الوشل و قبر المهدي عباس بن المنصور حسين المتوفى سنة 1189 بجوار مسجده قبة المهدي في السايلة. و قبر جده المتوكل قاسم بن الحسين بن المهدي المتوفى سنة 1139 بجوار مسجد قبة المتوكل بباب السبحة و في الحوطة الشرقية من قبة المتوكل قبور الأئمة من ولد المهدي عباس و هم المنصور علي بن المهدي عباس المتوفى سنة 1224 و ابنيه المتوكل أحمد بن المنصور علي المتوفى سنة 1231 و الهادي محمد بن أحمد المتوفى سنة 1259 ثم المهدي عبد اللّه بن المتوكل أحمد المتوفى سنة 1259 و ابنه المنصور علي بن المهدي المتوفى سنة 1288 و في خزيمة قبر المتوكل محمد بن يحيى بن المنصور علي بن المهدي بن عباس المتوفى سنة 1266 و قبر الناصر محمد بن إسحق بن المهدي بن أحمد بن الحسن المتوفى سنة 1167. و من مشاهير العلماء المقبورين بصنعاء الإمام محمد بن إسماعيل الأمير المتوفى سنة 1182 و شيخه العلاّمة زيد بن محمد بن الحسن المتوفى سنة 1123 كلاهما بجوار مسجد المدرسة علو صنعاء قرب المنارة. و إلى قبر زيد بن محمد أشار بعض العلماء بقوله: ها هنا علاّمة الدنيا فزر قبره تحض بأنوار و تسعد هو سعد الدين في تحقيقه و هو في التحقيق عند اللّه أسعد لقى اللّه فأرخ (جال في جنة الفردوس زيد بن محمد) 34 90 453 381 21 9252-1123 و قبر الإمام العلاّمة محمد بن ابراهيم الوزير صاحب «العواصم و القواصم» و «إيثار الحق» توفي سنة 840 و قبره جوار مسجد فروة بن مسيك شمالي صنعاء مشهور. و قبر السيد العلاّمة محمد بن الحسين بن الإمام القاسم بن محمد مصنّف كتاب «منتهى المرام في شرح آيات الأحكام» توفي سنة 1067 و قبره بجوار مسجد حجر بباب السبحة و معه قبر عمه يحيى بن الإمام القاسم المتوفى سنة 1045. و قبر السيد العلاّمة أحمد بن علي الشامي المتوفى سنة 1061 ثلاثتهم بجوار مسجد حجر و يعرف قديما بمسجد البستان. و قبر السيد العلاّمة هاشم بن يحيى الشامي المتوفى سنة 1158 في خزيمة، و قبر السيد العلاّمة عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر المتوفى سنة 1207 في خزيمة، و قبر القاضي العلاّمة محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة 1250 في خزيمة أيضا. و قبر السيد يحيى بن الحسين مصنّف «الياقوتة» في العوسجة غربي جامع صنعاء. و في جامع صنعاء تحت المنارة الغربية قبر النبي حنظلة بن صفوان مشهور كما يقال. و أما القبران اللذان في صوح جامع صنعاء تحت المنارة الشرقية فأحدهما من ولد العباس بن علي بن أبي طالب توفي سنة 399 و الآخر من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب، و في باب اليمن قبر القاضي حسن بن محمد النحوي مصنّف «التذكرة» في الفقه توفي سنة 791 رحمه اللّه. و بجوار مسجد الشهيدين قبري قثم و عبد الرحمن ابني عبيد اللّه بن العباس بن عبد المطلب اللذين قتلهما بسر بن أرطأة الذي أرسله معاوية بن أبي سفيان، و القصة مشهورة. و بجوار قبة الاسكندر بباب السبحة قبرا أمير مكة الشريف محسن بن الحسين من أولاد موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب توفي سنة 1036 و تعرف القبة الآن بقبّة محسن نسبة إليه. و ممن قبر بصنعاء يحيى بن زياد الجندي أدرك علماء الجند و صنعاء كطاووس و غيره و كان ماهرا بالقراءات السبع و مات بصنعاء، حكاه ابن مخرمة في الكلام على الجند. و بجوار مسجد الطاووس قبر أحد أولاد طاووس و أما طاووس فانه توفي بمكة سنة 106 رحمه اللّه. و في بعض المجاميع نقلا من تاريخ المدهجن ما لفظه: مدينة صنعاء اليمن هي أول مدينة بنيت على وجه الأرض و اسمها أزال، قال وهب بن منبه: أول حجر وضع على حجر باليمن غمدان ابتناه سام بن نوح ثم بناه شراحيل الحميري و بنى القصبة بعده بألف عام آل شرح يحضب، و صنعاء قاعدة ملوك حمير في الجاهلية إلى أن وصلت الحبشة فملكتها ثم الفرس من بعدهم حتى جاء الإسلام. و فيها بنو ابرهة بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح بن لهيعة بن شيبة الحمد بن مريد الخير بن ينكف بن شرحبيل بن معديكرب بن ذي يصبح بن ذي أصبح و اسمه الحارث بن مالك بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن زيد بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن معاوية بن أيمن بن الهميسع بن حمير. (18)
و هى فى موضعين: أحدهما باليمن، و هى العظمى. و الأخرى قرية بغوطة دمشق. فأما اليمانية فقيل: كان اسمها قديما أزال، فلما وافتها الحبشة و رأوها حصينة قالوا صنعاء ، معناه حصينة؛ فسميّت صنعاء بذلك، و هى قصبة اليمن و أحسن بلادها تشبّه بدمشق لكثرة فواكهها فيما قيل. و أما التى بدمشق فقد نسب إليها جماعة. (19)
قال في العزيزي: مدينة صنعاء مدينة جليلة و هي قصبة اليمن، و بها أسواق جليلة و متاجر كثيرة . (20)
و فيها آل كثير بن شهاب الخولاني و فيها بنو نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي العدوي و هم بها عدد كثير، و فيها بنو ثمامة من بني سيبان بالسين المهملة من حمير. و فيها بنو حجاج من الأزد أصل بلدهم خراسان طعنت فيهم الأبناء و قالوا: إنهم موال، و فيها بنو جريش بن غزوان من الأبناء و الأبناء من الفرس و أمهاتهم من حمير. و فيها آل شروس و هم موال لثقيف، و فيها آل شرع و هم من الأبناء. و فيها الأطلاح من الفرس. و فيها الأشراف الهدويون و هم ملوكها و هم من ذرية الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي ترجمان الدين. و فيها بنو يقضان من الأبناء، و فيها بنو النظاري من ذي رعين، و فيها بنو دحروج أصلهم من ظفار، و فيها النوسيون و هم من حمير من ولد نوس بن ذي سجن بن شرحبيل بن الحارث بن مالك بن زيد بن سدوس بن زرعة و هو حمير الأصغر. انتهى ما ذكر في تاريخ المدهجن. قلت: و في تاريخ صنعاء للرازي ذكر أقوام في صنعاء لم يبق منهم اليوم أحد كالعلماء بني النقوى و آل أبي الرجاء و آل أبي الروم و غيرهم، و من آثارهم مسجد أبي الرجاء من المساجد الدارسة قبلي جامع صنعاء على مقربة منه، و مسجد أبي الروم العامر شرقي السايلة مشهور معروف، و مما ينسب الى بني جريش الجبانة التي هي مصلى العيدين كانت تسمى جبانة بني جريش، حكى الرازي انه كان لبعض أهل صنعاء الساكنين قرب الجبانة جارية بارعة و كانت الجبانة أيام العيد نزهة صنعاء فوصفت الجارية لأحد ولاة زبيد فشراها من مولاها فلما كان العيد و لم تر في زبيد ما عهدته بصنعاء كتبت: سقى جبانة لبني جريش و خندقها أجش من الغمام لعمرك للسقاية و المصلى و غزلان به يوم التمام أحب إلي من شطي زبيد و من رمع و من وادي سهام و كان علو صنعاء يعرف بحارة القطيع، و أوسطها بحارة السرار، و أما اليوم فكل حارة تعرف بمسجدها فيقال حارة الفليحي و حارة المدرسة و حارة خضير و حارة الطواشي و هلمّ جرّا. و من مشاهير علماء صنعاء الأولين أبو العباس أحمد بن عبد اللّه بن محمد الرازي صاحب تاريخ صنعاء بلغ فيه إلى أثناء القرن الخامس. ترجمة الأهدل. و منهم المغيرة بن حكيم الصنعاني أخذ عن جماعة من الصحابة حج خمسين حجة ترجمة الأهدل. و منهم أبو رشيد بن عبد اللّه الصنعاني عدّه البخاري في أهل صنعاء، رحمه اللّه. و منهم عمرو بن دينار مولى باذان الفارسي ولد بصنعاء لبضع و أربعين من الهجرة و نشأ بمكة و بها توفي سنة 126 رحمه اللّه. و منهم أبو عبد الرحمن بن زيد الابناوي الصنعاني روى الترمذي في سننه من حديثه عدة أحاديث. و منهم محمد بن يوسف بن يعقوب بن ابراهيم بن سعد بن داود الابناوي. ولي قضاء صنعاء من قبل المنصور توفي سنة 153 رحمه اللّه. و منهم هشام بن يوسف الابناوي عرف بالقاضي أدرك معمرا و أخذ عن عبد الرزاق و هو أحد شيوخ الشافعي و روى عنه يحيى بن معين و له في الصحيحين عدة أحاديث. و من مشاهير من ولي صنعاء من الصحابة رضي اللّه عنهم يعلى بن أمية استخلفه أبان بن سعيد في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و استمرت ولايته الى مقتل عثمان رضي اللّه عنه و هو يعلى بن أمية أو ابن منية فامية أبوه و منية أمه، و أبوه هو أمية بن أبي عبيد بن همام بن الحارث بن بكر بن ريب بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناه بن تميم، و أمه هي منية بنت شبيب بن الحارث من بني مازن بن منصور بن عكرمة بن جهضم بن قيس بن عيلان. و في أيام ولاية يعلى كانت قصة أصيل الذي تمالأت زوجة أبيه و خلانها على قتله و أمر عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بقتل جميع المشتركين في قتله، و القصة مشهورة. و من لطائف أدباء صنعاء في القرن الثاني عشر ما حكاه جحاف في سيرة الإمام المنصور علي بن المهدي عباس قال: كان السيد العلاّمة محمد بن هاشم بن يحيى الشامي و الفقيه الأديب سعيد بن علي القرواني و ثالثهم السيد الأديب علي بن موسى أبو طالب إخوانا متلازمين فصادف أن حج السيد علي بن موسى في بعض السنين، و لما عاد من الحج عرج بكوكبان فأمسكه امير كوكبان مدة و رفيقاه بصنعاء ينتظران قدومه إليهما فلما طال مكثه بكوكبان كتبا إليه القصيدة الآتية و مزجاها بالشعر الحكمي و الشعر الحميني الملحون و جعلا الحكمي جديا و الحميني هزليا و هي طريقة مبتكرة ظريفة كما تراها فقالا: جد سلام على حاوي المحامد عن يد و من في المعالي و الندى يده الطولى سلام يحاكي منه نفح سماته و ناظر خلق يخجل الروض مطلولا هزل عليك يا ابن موسى من محمد و من سعيد و من ساير الخبرة و فيهم خبير جديد و زعبة من الشوق الذي ما عليه مزيد عجيبة و هم من شيعتك و الغرام يزيد جد و إنّا على ما تعهدون من الوفا و عقد التصافي لم يحل قط محلولا و خيل اشتياق في الطراد لو انبرت لضاقت بنا عرض البسيطة و الطولا هزل و لكن ربطناها على مذود القلوب فلولا الخطام من شوقها شقت الجيوب فيا لطمتي لو تفتلت من صلى شعوب و يرخى لها الترجيم لا تدى البعيد جد و ما شجو ثكلى ابتزها الدهر فردها تنوح على رسم عفا كان مأهولا بأكثر من شجو القلوب لنأيكم لدى طلل أضحى به الدهر مطلولا هزل و ما طن لك خليت الأخوان في لوى يطلوا من الشباك و مشوار الى الحوى و صحوا يحبوك يا علي من قوى قوى كما أنّك حلى و اللّه على ما نقول شهيد جد و سل صخر قلب عنك يخبرك أننا كصب تحسى قرقف الراح مشمولا سكارى و لكن لا ارتياح لعلنا إذا ارتحت من صافي المدامة منهولا هزل أمانة فكيف الشمس في البرد في الضلع إذا جرتك رجلك و تخرج بها برع و جرمك عليك يهقف من البرد كالنطع و شمس الضحى تعشش إلى أن تصل زبيد جد و قد قام جاري الماء في قايظ الضحى و عن طبعه العادي أصبح معقولا و كاد يذوب العضب في الجفن حايلا الى المنتهى من برده آض محلول هزل و لكن قات الحصن ينسيك كل شي فتصبح و تمسي و أنت ضاحك و منتشي مفعرر مكركر فيه من الصبح الى العشي و لا زلت طول الدهر في عيشك الرغيد جد و لما بدا فصل الربيع تضاعفت قوى الشوق إذ خلنا التوصل مأمولا و قد نشرت أيدي السحاب مطارفا على أرضنا من سندس الروض مزمولا هزل فلو تبصر الناوة بدت من صلى براش و شنت على بيت اللهيدة الى العشاش و سالت سوايل من نقم تروي العطاش و حنت رواعد ترعد الواديين رعيد جد و أبرق بسام الحيا في ربوعنا بسحب ثج آخره في الثج كالأولى فنظم في جيد الزمان قلائدا تقول لسان الحال عنبا لنا قولا هزل فقلنا قصيدة حالية بالثنا عليك تجي تبصرك أو به شيء أشواق من صليك و تشكي لنا من فرقتك يا علي عليك و أنت الحكم فاحكم علينا بما تريد جد فهل لك من أشواقنا بعض لوعة يكون بها حبل المودة موصولا فقد ذاب من حر الجفا قلب تائق إليك إذا كان التوسل مقبولا هزل فبادر مع الجمال الينا على الحمار و شرف علينا مثل ما البدر في السما و في يمنتك عصية و حاشاك في الشمال و نلقاك بالتثوير و الشمع و العصيد جد سنحسب إن قد كنت في أرض مكة فجئت بثوب النسك و الفضل مشمولا و وافيتنا برا تقيا مطهرا كعرضك من لوث المعايب مغسولا هزل كما يوصل الكبسي مكند لزعبته و قد لف فيها كيس نومه و برمته و قد لاح نور الحج من جنب نخرته عليه السلام حين جا على الخيط في القصيد جد و وافى الي الأهلين من بعد فرقة يكون بها حد التبصّر مغلولا فكان كغيث زار أرضا محيلة و صار به موضوع أهليه محمولا هزل و شلوا من الشباك صوتين محجرة و قد جاوبت من فوق الاجبى مائة مرة و جينا على الغاغة بنشوة و فعرره و قال المسبح حين أريناك يوم عيد جد و غطرف من فوق البشام حمايم بألحان شوق تترك اللب مذهولا و فاز معادا مثل ما فاز مبدأ كما راق ثغر مازج الأري معسولا هزل و قنبرت في المنظر محسكم على اخوتك و ان احد ضحك فلحست فمّك و نخرتك و أخرجت سبلة عمتك فوق عبيتك و قلت له اسكت أنت يعني كريه بليد جد عليك من الاجلال تاج مهابة أرى كونه من جوهر المجد معمولا على غرة زانت سناه بنورها كصوغ هلال كان للشمس إكليلا هزل و قد لاحت الهيبة على وجهك الصبيح مترخم مبرطم ما تقل يا علي فليح مشرحج بصوتك فيه جيسار و فيه بحيح تحاكي بهنجام بعدما تمسد الوريد جد فدم سابقا في حلبة المجد و العلى على طرف فخر بالزواهر مرحولا كأن مقاد الريح تحت عنانه إذا هب من برد الكلالة مشكولا هزل تجاري صلاح زيدان ماشي بلا نعال و تمشي على الرعيان الى قنحة الجبال و قد طال من صبيك في وصفك المقال عليك السلام يكفيك ذا القول أو نزيد جد و سلم على حامي الحقيقة واحد ال‍ طريقة من أضحى على الجود مجبولا و من يحتوي ذاك المقام من الا لى لهم كل دهر بالمحامد مشغولا انتهى. (21)
و من شعر الفقيه أحمد بن حسين الركيحي من أدباء صنعاء: يا قوم هذا الرشا المهلّى رمى فؤادي بسهم بينه لا تطلبوا في دمي سواه فانه قاتلي بعينه و من شعر القاضي حسن بن علي بن جابر بن صلاح بن أحمد بن صلاح الهبل المتوفى سنة 1079: أما الوشاة فأنت أعلم منهم بجميع ما أبديه أو أخفيه و كذا العواذل قد سددت مسامعي عن عذلهم ما عشت لست أعيه صنفان أمرهما يسير هيّن أما الرقيب فحار فكري فيه و بيت الهبل من بيوت العلم بصنعاء و الروضة و هم في الأصل من قبائل خولان العالية و لم يزل منهم بقية الى اليوم. و كذلك بنو الركيحي أو الرقيحي من بيوت العلم و الأدب و منهم اليوم إمام جامع صنعاء و هم يقولون إن نسبهم في صيد حاشد، و اللّه أعلم. و كذلك الأشراف بنو الشامي و آل أبي طالب من بيوت العلم و لم يزل منهم علماء و أدباء و فضلاء الى اليوم بصنعاء و غيرها. و من بيوت العلم القضاة آل أبي الرجال منهم القاضي أحمد بن صالح مصنّف «مطالع البدور» و قد ذكروا في محلهم سابقا من هذا الكتاب. و كذلك بنو الآنسي و قد بيناهم في آنس و ذكرنا شيئا من شعر القاضي عبد الرحمن بن يحيى الآنسي و سلك مسلكه ابنه أحمد بن عبد الرحمن فمن شعره الحميني قوله: ما لفوج الصبا لما سألته تعلل و أكثر الاعتذرات كلما قلت له هات الحديث المسلسل أو تحمل تحيات أسند الخوض إلى غيره و أبرد و أشعل نار شوقي بهبات حين أطلق و ما فصل و قيد و ما ارسل و نفى بعد إثبات لو سلمت الجفا من راعي الطرف الاكحل ما بسطت السؤالات إنما جيت و العشاق آخر و أول يرسلوا في المهمات هكذا كل من قد عزّ وصله تذلل و طمع في المحالات اللّه أعلم متى شا أحظى بنيل المؤمل و استعيض الذي فات يا بروحي نجح روحي و ماشي تحصل من بلوغ الإرادات من ليالي سمح بالوصل فيها و أفضل كامل الحسن و الذات ظبي صنعا الذي لا زال في القلب قد حل و بنى فيه دارات إلى آخرها و هي أكثر من ذلك، و لكن شعر والده الحميني في أعلى طبقة كقوله: – حبيب لولاك ما راشيت و لا ارشيت و لا داريت مليح في الناس و بطال و لا جاحدتهم عشقي و مديت يميني باليمين تكذيب لمن قال و لا بأذني الى النصاح أصغيت حيا و القلب عما قال قد مال توشيح و لا حد قال مالك كذا مثل المضيع محلبس في حبالك بتتقدم و ترجع فبين من قبالك فان به فيه مطمع بذلنا جهدنا لك عسى أن الجهد ينفع تقفيل فاستعرف لهم في كيت و في كيت بأشيا قط ما تخطر على بال و إن اشتاق الحديث نحوك تغابيت كأني ما أعرفك صورة على بال بيت و أخشى لا يصال عندك كلامي فتحسبني بغيرك حطي الراس و ما هي يا حبيب إلاّ تعامي على من مهرته كثر التّجاس و كله خوف عليك لا أحد ينامي إلى اهلك ما يشوشهم من الناس و إلا فالضمير غير الذي أبديت فلا يوهم عليك فالوهم قتال توشيح و خاف كشف المغطى إذا أعيا المبصر و بادر لا تباطا بزورة سر في سر و مد الرجل و اخطى و لا تبقى تكرر إذا انا استر فما اسطى و إن اسطى فما استر تقفيل فما يعييك و راسك لو قد اشتيت حشيت العطبية في ريش الأقفال و غافلت الرقيب مرة او ارشيت و قبل الحفظ رشوة أو تغفال بيت تقضى العمر و أنا في أماني أقول اليوم و إلا اليوم يحصل و لا شيء جا و لا يأسي تهاني من أطماع كاذبة في البعض و الكل عجب كيف زاد و خف أول زماني عجب كيف آخره ينقص و يثقل أسال اللّه يغفر ما قد اجنيت من الذنب الذي حملني أثقال إلى آخره و هي أكثر من هذا و كم له غيرها من أشعاره الملحونة المتضمنة للأمثال السائرة كقوله رحمه اللّه: فاحفظ شرى حبك و بيعه من باع بدون نقص عليه راس المال و اصبر و في الضيق وسيعه خذها بهون * و لا تقول ضاق الحال فقد توافق لك سويعه تقضي ديون * من دهر وافي مطال و كقوله: يا ساري البرق قم سايل فروع البشامه و اطلب جواب السؤال قل من بلى الطير بحب الغير فاسهر منامه فامتد ليله و طال فبات يحدي خواطر من قوافل ظلامه بين الخفاف و الثقال أهو رأى ما رآه الناس فهاموا هيامه قبله بأزمان طوال من طلعة البدر في الأنصاف من فوق قامه مليحة الاعتدال تقسمتها الفتن بالحسن خاصة و عامه فاشتد فيها الضلال أشدها لحظ عينيه حين ينفث سهامه عن اليمين و الشمال من تحت أجفان أعارتها الفتور المدامه و أرشقتها النبال فحولنا لا علينا كم قتيل راح ظلامه و كم جراح و اعتلال و مشقة الخد تعطي الورد طيب اشتمامه و نظرته حال بحال هذه فتن فاعتزلها إن أردت السلامه فالخير في الإعتزال و لا تخاطر بنفسك فالسلامة غنامة و العافية رأس مال و كقوله: الطمع كله مهالك من خلص منّه نجا غير أن الحب مالك يقهر أرباب الحجا و هو في الأضلاع مالك كم ذهب منها و جا و الأياس مسلي منالك و الهوى كله رجا و كقوله: أقسم برب العالمين الجليل لا استمع قول العواذل و لا أحيف عن حبكم أو أميل و لو جرى سبعين باطل فعادتي أرعى حقوق الخليل و لو يكن معرض مشايل هيهات ما عبد الحميد لي مثيل و الفرق مثل الصبح ظاهر و كقوله: يا ليت شعري شيء لسان ذاكر منهم لنا لا يترك التخبار و إن من غاب عن سواد ناظر قد غاب عن الخاطر فدونه استار سار الزمان باول وجا بآخر و الصب واقف في الفراق محتار لا هم معه في صحبة المسافر و لا استقرت به معاهم الدار و كم يصابر نفسه المصابر و كم يخرّج للموانع أعذار فإن كان هو الواقع فله نظاير و الحب يا طير الغصون جرار إذا غضب ما له عليه ناصر و لا معه قدرة ترد الأقدار فالعمر عاره و المعير مصادر للمستعير اللّه يرد ما عار و اللّه على جمع الغريب قادر الكل في قبضة عزيز قهار و كقوله: عن ساكني صنعا حدي‍ ثك هات وافوح النسيم فحقق المسعى وقف كي يفهم القلب الكليم هل عهدنا يرعى و ما يرعى العهود إلا الكريم و سرنا مكتوم لدي‍ هم أم معرض للظهور *** تبدلوا عنا و قا…. …. لوا عندنا منهم بديل و اللّه ما حلنا و لا ملنا عن العهد الاصيل ما بعدهم عنا يغ‍ يرنا و إن طال الطويل عقد الهوى مبروم أكيد ما ينقصه مرّ الدهور و كقوله: الياس من حاجة قضاة حاجة معجلة و الحرحر و من عرف طبعه سهل علاجه و من جهل طبعه عسر و كقوله: و قضى الدين من جنس السلف و المدين بما كال إستكال. (22)
و من أدباء صنعاء السادة آل إسحاق بن المهدي بن أحمد بن الحسن بن الإمام القاسم منهم محسن بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن إسحاق و من نظمه الحميني قوله: الحبيب الذي غاب عنّا و احتجب ما الذي ميّله عن أسيره إن تكن شي خطية درينا ما السبب و عرفناه بما في ضميره و علينا رضى السيد يطلب ما طلب كل هذا المطالب يسيرة إن يشا الروح شله و إن يطلب ذهب شا نراضيه و يختار خيره و منها: إن تثنى قوامه فما احلى العذب فيه و الحجل تسمع صريره أو كشف ليل جعده فما هذا العجب ليل داجي أوان الظهيرة و كقوله: يا من بخل عن مغرمه بالوصال و ابدى عن اللقيا معاذر أعذار مقبولة على كل حال عندي و قلبي غير عاذر لأن أشواقي تذيب الجبال من بعضها و الوجد ثاير و إن عذلته قال هذا محال غيري على السلوان قادر بيت و الصبر إلا عن لقاهم جميل قلبي لغير الهجر قابل شاصبر و إن كان التلاقي قليل الطل منهم مثل وابل أما الاياس منهم فشي مستحيل يقنع بهذا كل عاذل يا ليل طل يا شوق دم في الليالي إني على الحالين صابر و من آل إسحق أحمد بن عبد الكريم، و من نظمه: فؤادي الى الآن من حين صبا ذهب في أمان اللّه و فارق ضلوعي و شق الخبا و ما زاد عرف مولاه قضى الحب هذا رضى أم أبى فليت الهوى خلاه فكم من جواد في المحبة كبا عسى يقبله مولاه بيت فمن حين رأت طلعته مقلتي رأت حسن غيره شين كما استثقلت كاسها راحتي ولي من فمه سكرين و اضحى جنى و جنته جنتي و ناري عذاب البين و عنه الأحاديث أحسن نبا و أحلى إذا أملاه و من أعلام صنعاء الأشراف آل الأمير منهم الإمام محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير المتوفى سنة 1182 له ديوان شعر و ديوان خطب، و هو صاحب التصانيف النافعة كسبل السلام شرح بلوغ المرام و غيره رحمه اللّه، و ابنه ابراهيم بن محمد و حفيده علي بن ابراهيم و من شعره الملحون قوله: – روح العمل الاخلاص و المدخول كالميته و جروح الخلق قصاص تلقى ما حبّيته و الناس طيور أقفاص كل أحد في بيته فضة و ذهب و رصاص فادهن له من زيته و اخلط نوره و هشاش و اطرح ياجور و ابني قد اسكرني شي لاش يا صاح اروي عني *** الى كم يكون البنا للخراب و كم شايكون الخراب للبنا شربت بكاس الأماني شراب فهلا أصخت لليلو دنا و اعلم أن الحيلة في تركك للحيلة كم تبقى تدوي له بأقلامه و ادوي له فاجعل ما تنوي له لتفوز بتنويله ما تقدر تحصي له ما كان من تحصيله خلق المخلوق بمعاش يبغي يوم يستغني قد اسكرني شي لاش يا صاح اروي عني *** الأطماع خلت عقول الرجال مجانين على كل دقة و لون فكم من مكمل يحاول محال و بينه و بين المنى ألف بون هذا طبع المخلوق لو لا سعة الرحمه يختار راس الخازوق و يدع عين النعمه و إذا أصبح مرزوق ما يرضى بالقسمه و إذا وجد في السوق وافاه أجره قدمه و هناك يبقى مرتاش خذ ذا الحكم مني قد اسكرني شي لاش يا صاح اروي عني *** طلاب الحلال فرض واجب عليك و هو ما ينافي شي الاتكال و ترضى بما ساقه اللّه إليك و تقنع و لو دق خيط الحلال إلى آخره و هي أكثر من هذا و كلها نصايح على هذا المنوال يفهمها العالم و الجاهل. (23)
و من بيوت العلم بصنعاء القضاة بنو الشوكاني منهم شيخ الاسلام محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة 1250 مؤلف «نيل الأوطار» و «فتح القدير» في التفسير «و البدر الطالع» و غير ذلك، و قد انقطع نسله، و بصنعاء اليوم فضلاء من قرابته و هم في الأصل من هجرة شوكان من بني سحام من خولان العالية. و من بيوت العلم بصنعاء القضاة بنو الجرافي من جراف حاشد منهم الوزير علي بن حسين الجرافي من أعلام القرن الثالث عشر و لم يزل منهم علماء الى اليوم بصنعاء. و من أفاضل صنعاء القضاة بنو اليدومي نسبة الى ذي يدوم من قرى خولان العالية ثم من مخلاف اليمانية و قد تقدم ذكر ذي يدوم في خولان. و منهم بنو النحوي أشهرهم القاضي حسن بن محمد النحوي مؤلف التذكرة في الفقه، و نسبهم في عنس كما في مشجر أبي علامة. و منهم الأشراف آل الجلال أشهرهم العلاّمة الحسن بن أحمد الجلال مصنف «ضوء النهار» رحمه اللّه، و من شعره: قد قال خد حبيبي للحسن حين تولى إن متّ و الخال عندي فالخال وارث من لا و لم يزل منهم فضلاء الى اليوم. و منهم الأشراف آل عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر شيخ الشوكاني و ابنه البرهان ابراهيم بن عبد القادر، و لم يزل منهم علماء الى اليوم بصنعاء، و هم من ولد شمس الدين بن الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين بن الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى. و منهم القضاة بنو السحولي و هم في الأصل بنو الشجري نسبة الى شجرة بلدة من ناحية الحدا. و من فضلاء صنعاء القضاة بنو العمري نسبة الى عمارية الحدا منهم الوزير قاسم بن علي العمري من فضلاء القرن الثالث عشر و لم يزل منهم فضلاء الى يومنا كالقاضي العلاّمة شيخ الشيوخ الحسين بن علي العمري المعمر. مولده سنة 1263 و هو اليوم بقية الطراز الأول و له ذرية طيبة. و من فضلاء صنعاء الأشراف الكباسية نسبة الى هجرة الكبس من خولان العالية و هم من ولد الأمير يحيى بن حمزة بن أبي هاشم. و الأشراف بنو السراجي من ذرية الإمام يحيى بن محمد السراجي المتوفى سنة 696 رحمه اللّه. و الأشراف بنو الظفري من أولاد الحسين بن حمزة بن أبي هاشم. و الأشراف بنو الحيفي نسبة الى قرية الحيفة من أرحب و هم من ولد عبد الرحمن بن الأمير حمزة بن أبي هاشم. و الأشراف بنو زبارة نسبة الى قرية زبار من خولان العالية و هم من ولد ابراهيم المليح بن محمد المنتصر بن القاسم المختار بن الناصر أحمد بن الإمام يحيى بن الحسين الرسي. و الأشراف بيت ابراهيم من ذرية الإمام المهدي احمد بن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد. و الأشراف بنو المطاع من ولد العباس بن علي بن أبي طالب. و الأشراف بيت الصادق من ولد زيد بن الإمام المتوكل اسماعيل بن الإمام القاسم. و الأشراف بيت المتوكل و بيت المنصور و بيت المهدي و بيت المؤيد من ذرية الإمام القاسم بن محمد بن علي. و الأشراف بيت حميد الدين و بيت حجر و بيت مطهر من أولاد الحسين بن الإمام القاسم بن محمد. و الأشراف بيت النونو من ولد الإمام المنصور عبد اللّه بن حمزة بن سليمان. و الأشراف بيت المسوري من ذرية الإمام المنصور عبد اللّه بن حمزة بن سليمان. و الأشراف بيت الطايفي منهم من أولاد المنصور عبد اللّه بن حمزة و منهم من ولد محسن بن المتوكل إسماعيل بن القاسم و الأشراف بيت هاشم من ولد الإمام أبي الفتح الديلمي. و الأشراف بنو الكحلاني من ولد الأمير يحيى بن حمزة أخي الإمام عبد اللّه بن حمزة، و أما بنو الكحلاني أهل زيلة بني قطيل فمن ولد الحسين بن الإمام يوسف الداعي، و بنو الكحلاني أهل الأهنوم و كحلان من ولد الحسن بن الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين. و الأشراف بيت الحمزي و بيت الشمسي من ولد محمد بن الأمير حمزة بن أبي هاشم حمزات. و القضاة بنو السياغي نسبة الى بني السياغ من بلاد الحيمة منهم الحسين بن أحمد السياغي مؤلف «الروض النضير» رحمه اللّه. و القضاة بنو العنسي و منهم بيت تقي بن أحمد العنسي و بيت العريض. و الأشراف بنو الحوثي منهم من أولاد الإمام يحيى بن حمزة الحسيني و منهم من أولاد أمير الدين بن عبد اللّه حسنيون. و القضاة بنو الأكوع و قد تقدم بيان نسبهم في حرف الهمزة. و القضاة بنو الحلالي من ولد السلطان حاتم بن أحمد اليامي نسبوا الى أحلال من قرى آنس كما تقدم في محله. و الفقهاء بنو الواسعي من آنس. و القضاة بنو الخالدي نسبة الى مخلاف بني خالد من آنس. و الفقهاء بنو العفاري نسبة الى عفار من بلاد حاشد. و الفقهاء بنو الرزاقي. و القضاة بنو الحرازي نسبة الى بلاد حراز. و القضاة بنو العلفي نسبهم في بني أمية مشهور. و القضاة بنو الحيمي نسبة الى الحيمة من بلاد حراز منهم الوزير الحسن بن أحمد الحيمي. و الأشراف بنو العياني من ولد الإمام القاسم بن علي العياني. و الأشراف بنو غمضان و بيت الهجوة و هم من الكباسية. و القضاة بنو الردمي نسبة الى بيت ردم من ناحية البستان. و القضاة بنو الزبيري و هم من زبيرات أرحب فيما أظن، و اللّه أعلم. و القضاة بنو العمراني نسبة الى مدينة عمران منهم العلاّمة محمد بن علي العمراني من مشاهير القرن الثالث عشر. و الفقهاء بنو صبرة و نسبهم في حمير منهم العلاّمة أحمد بن سليمان بن صبرة و قد ذكر في إبّ‌. و القضاة بنو المغربي من لاعة البلد المشهور. و القضاة بنو الغسّالي نسبة الى بني الغسال من بلاد الطويلة. و القضاة بنو جغمان من خولان العالية. و القضاة بنو مطهر كذلك من خولان العالية. و الأشراف بنو الأخفش و هم من بني الشامي. و الأشراف بنو المروني نسبة الى المرون من قرى آنس و هم من ولد يحيى بن منصور بن مفضل بن الحجاج. و الفقهاء بنو وحيش من صعدة. و الأشراف بيت سام هم من أهل المرون. و الفقهاء بنو الغسيل من صعدة. و الأشراف بنو الجديري من أولاد محمد بن علي الأملجي من ولد الإمام يوسف الداعي. و الأشراف بيت الدرة و هم من آل المؤيد فيما أظن. (24)
و الأشراف بيت الناشري من أولاد المطهر بن يحيى. و الأشراف بيت الفضيل من أولاد شمس الدين بن الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين. و الأشراف بيت كوكبان من أولاد شمس الدين أيضا. و الفقهاء بيت الريمي نسبة الى بلاد ريمة المشهورة منهم سيدنا العلاّمة إسمعيل بن علي الريمي و والد بنت الأمير طاشخان الذي قتل مع الناصر في دار الحجر. و الفقهاء بيت السرحي و هم ينتسبون الى عمر بن الخطاب. و الأشراف بيت فايع من أولاد الحسن بن الإمام المؤيد. و الفقهاء بيت حميد من بني الحارث و أصلهم من مقري آنس. و الفقهاء بنو الزهيري من أهل ثلا، و كذلك بيت الزلب من ثلا. و القضاة بنو عقبة من أولاد عمرو بن معد يكرب الزبيدي كما في مشجر أبي علامة. و الأشراف بنو النعمي من ولد موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. و الفقهاء بنو دلال من أقدم البيوت بصنعاء. و الاشراف بنو البار من آل باعلوي أهل حضرموت من ولد علي العريضي بن الإمام جعفر الصادق. و القضاة بنو العرشي من الأعروش من خولان العالية. و الفقهاء بنو الحضرمي من حضرموت و هم اليوم من أفاضل صنعاء. و الأشراف بنو الذيفاني نسبة الى بلدة ذيفان من عيال سريح و هم من ولد الحسن بن حمزة أخي الإمام عبد اللّه بن حمزة. و الفقهاء بنو الحدائي نسبة الى ناحية الحدا. و بنو راجح منهم الوزير علي بن أحمد راجح من صدور القرن الثاني عشر و هم من بني الكينعي من آنس كما حكاه محسن بن الحسن أبو طالب في ترجمة الوزير المذكور من كتابه «ذوب الذهب». و بيت العماري من قبائل آل عمار منهم الأديب علي بن صالح العماري المعاصر للمهدي العباس بن المنصور حسين بن المتوكل قاسم بن حسين. و القضاة بيت قاطن و هم في الأصل من حبابة من بلاد ثلا و نسبهم في حمير كما تقدم في ثلا. و القضاة بيت الجيوري و نسبهم في حمير من ولد عبد الحميد المنتاب و قد تقدم رفع نسبهم. و بنو العراسي نسبة الى عراس من بلدان قضاء يريم. و الأشراف بنو الوزير من آل المفضل بن الحجاج، و قد ذكروا في بني حشيش. و القضاة بنو سهيل من أهل صعدة، و الفقهاء بنو كباس من بني بهلول. و الفقهاء بنو مداعس و الأشراف بنو الحكيم من الهند ثم من لاهور. و القضاة بنو الصديق من بيوت العلم مشهورون. و بنو المحفدي نسبة الى بيت محفد من قرى ناحية البستان. و بنو القرواني من خولان العالية من مخلاف قروى. و القضاة بنو الرباعي و بيت الكستبان و بيت صلاح الدين و الأشراف بيت المرنة من ولد يوسف الأصغر بن أحمد بن الإمام يوسف الداعي. و الأشراف بيت العوامي من ذرية الحسين بن الإمام يوسف الداعي. و القضاة بيت الجبري من خولان العالية ثم من بني جبر من قرية أيطية. و بيت الثور من أشهر بيوت صنعاء. و بيت سعد يسر أصلهم من الهند كان جدهم تاجر بانيان ثم أسلم. و بيت عبد الواسع هم في الأصل من بني العلفي امويين منهم القاضي العلاّمة يحيى بن محمد بن عبد الواسع رحمه اللّه. و من شعر القاضي العلاّمة يحيى بن محمد بن عبد الواسع رحمه اللّه و لقد أجاد فيها و أحسن غاية الإحسان: اللّه يخلق ما يشا و يختار و العبد ما له في الأمور خيره فارضى و سلم يا فتى للاقدار و راقب اللّه و اصلح السريره و الرزق هو مقسوم بغير دوار فاترك هوى الدنيا فهي حقيره و اصبر لدهرك يا فتى و إن جار فالصبر حيلة في الأمور كبيره و الصبر ما به فيه عليك من عار تظفر و عينك بالمنى قريره من استجار باللّه كان له جار ما تنفع الأموال و العشيره و الظلم لا تغشاه و التكبار فالكبرياء للّه لا لغيره بالجمع يا مغرور من عليك شار و العاقبه فيها الى الحفيره كم قد رأينا من عزيز قد جار أمسى و نفسه في الثرى أسيره سافر بفكرك يا فتى في الأسفار من مبدأ الانسان الى مصيره تنظر عجايب ما تجد في الأسفار و تعتبر فيها بكل سيره فالخير أبقى للعباد الأبرار و الشر أخبث ما وعى مثيره و الكيميا أجراه كثر الأذكار لكن حضور القلب هو كسيره تبقى ملك من غير جيش جرار تزهو على كسرى على سريره و كظم غيظك فيه كنز الأسرار و من عفا كان الآله نصيره فوض اليه يكفيك كيد الأشرار و استغفره يغفر لك الكبيره فهو كريم عالم بالأسرار و لا يؤاخذ قط بالجريره و اصنع جميل الدهر خل الأعذار فمن جنى باتت به الكسيره و الآن يا سيدي فسيد الأشوار نرحل لنا من هذه الجزيره فأرض مكة هي محط الأوزار تمحي كبير الذنب و الصغيره يا نفس جدي فالمشيب قد زار و الموت قد وافى إليك نذيره و هذه الدنيا خيال غرار تثبط الانسان عن مسيره كم قد رأينا من ملوك و تجار تتابعوا في المدة القصيره كانت لهم فيها خول و أنصار و دور قد كانت لهم كبيره و بعد صاروا في اللسان أخبار يحدّث السامر بها سميره و أصبحوا في طول سبعه اشبار ما يعرف المأمور من أميره فالسعد فيها من نجى من النار و كان في دار الرضى مصيره ما من دعا نفسه كريم غفار اغفر لنا الكبرى مع الصغيره و من شعر القاضي عبد الرحمن الآنسي قوله: للحسن دولة في القلوب بسطا و جانب الدولة مهاب فمن تداراهم و من توطا فقد رمى عين الصواب و من حسب حقه عليهم أخطا ما بينهم و الناس حساب ما بان منهم بان و ما تغطى فزد عليه منك حجاب توشيح و لا تقول هذا صواب و لا تقل هذا خطا و إن بدوك هم بالعتاب قصرت في رد الخطا فالحسن له سلطان يهاب بطشه سلاطين الخطا و في القلوب داعي مجاب بالامتثال من غير بطا تقفيل يملك عليها أمرها و يعطى حكمه رضى و الاغتصاب فقف على رسمه و من تخطى رسمه محا اسمه في الكتاب بيت أشكي و قدرة من عليه اشكي تقول ما هذا جزاك و من لقيته ما لقيت يحكي عني و هو في الصيد شاك لأن أخذي في الهوى و تركي وراء قدر الاشتراك لو كنت في رتبة تعد وسطى كان قد لقولي فيه باب توشيح لكن تجاوزت الحدود و أسرفت في نقض الربوط و أهملت محفوظ القيود بالوصف و الحنث و الشروط و من رأى ذاك الشدود أقدم و ما خاف الوروط و من تجاهه ليث غاب أو كان فوق النار يطا تقفيل يا قوم من قام في الطريق و غطى عينه نظر ذاك الجناب قطع بلا تقدير و لو هو أسطى رعد الأوقاص في النصاب بيت غير الطمع فيما امتنع لحاجه يذاق فيه الحلو مر و الياس من حاجة قضاة حاجه معجلة و الحر حر و من عرف طبعه سهل علاجه و من جهل طبعه عسر و من مقالات الحكيم ارسطا ثلاث ما فيهن جواب. (25)
و لما وصل الوزير عزت باشا الى صنعاء في سنة 1329 سلم الى القاضي العلاّمة محمد بن حسين العمري رحمه اللّه ترجمة أبيات للسلطان سليم بن سليمان نظمها باللسان التركية و طلب من القاضي العزبي أن ينظم ترجمتها باللسان العربي، و هذه صورة الترجمة: – (بجاه ماء وجه الحبيب الأكرم و بالدم الذي أريق في كربلا و بالأعين التي تبكي ليلة الفرقة و بحق الوجه الذي تمرغ في طريق عشقك و بقلب حزين أهل الأكدار الذي يؤثر أنينه في الروح اجعل لطفك يا ربي رفيق و اجعل لنا حفظك الملتجى و كن لأهل الاسلام معينا و نصيرا و أقصر منا أيدي الأعداء لا تنظر يا ربي لذنوبنا و انظر الى آهاتنا التي في قلوبنا و أرواحنا لا تمح المجاهدين يا ربي و لا تجعلنا هدفا لنيل الأعداء و احفظ عيوننا في عنا المعركة و احرس جنود الإسلام من المهلكة كم سنين مساعينا و اجتهادنا و حسن صيتنا في الغزوات لا تمحها بقهرك يا رب و لا تسود وجهي بين الناس و أن أكون فدا في طريق دينك و أكون درعا إستحكاما لعسكرك و اجعلني شهيدا في طريق الدين و اجعلني سعيدا في يوم الآخرة و لا تذلل ملك الإسلام و لا تجعله منزلا للفرقة الضلال و كرمك كثر لأهل الاسلام و أرجو منك تبلغ بالختام) تمت الترجمة و هذا نظمها للقاضي عز الاسلام رحمه اللّه: هذا المقال لمن تاهت به الدول مخاطبا لمليك ما له مثل مقدما لوسيلات إليه كما قد جاء نصا لمن حقا له سألوا بجاه ماء لوجه الحب أكرم من أرسلته و به قد كمل الرسل و بالدم القاطر المهراق من نفر بكربلاء فنعم الجنة النزل و بالعيون التي تبكي الفراق و بال‍ وجه الذي في طريق الحب ينتعل و بالقلوب التي بالحزن أنتها في الروح قد أثرت مما جنى السفل اجعل إلهي عميم اللطف مقترنا بحفظك الملتجى إذ ضاقت الحيل و أهل إسلامنا كن ناصرا لهم و كن معينا فللأرواح قد بذلوا و كفّ أيد العدى عنّا بأجمعهم لا تنظرن الى ذنب هو العمل و انظر إلى آه من روح الشجى و من أرواحنا طال ما حلّت بها العلل لا تمح يا رب أصحاب الجهاد و لا تجعلهم هدفا بالنبل ينتضلوا و احفظ عيونا لنا في كل معركة من الغبار فلا تنكى به المقل و جند إسلامنا من كل مهلكة أحرسهم فاليك الكل يبتهل فكم سنين مساعينا و طاقتنا و حسن صيت لنا في الغزو ينتقل يا رب لا تمحها بالقهر منك و لا يسود وجهي لدى ناس بهم دغل و في طرائق هذا الدين كنت فدى و للعساكر درعا أحكم العمل و اجعل مماتي شهيدا في طريق هدى و في القيامة و ملك إسلامنا لا تذللنه و لا تجعل به الفرقة الضلال تنتول و كثرن أهله يا ربنا كرما و منك أرجو ختاما دونه الأمل انتهى و من شعر القاضي عبد الرحمن الآنسي: – قل لخفاقة الجناح بين الاقتاب و الجريد ما لها إن بدا الصباح رددت صوتها الغريد بمعاني الهوى الصحاح في فنون الغنا الجديد خففي رنة النياح عن معنى شج عميد طال شوقه عليه فطاح بمدى صبره المديد و غناك الذي أراح مدمعه زاد في الوقيد و أقلقه ناشر الرياح من جهة حبه الشديد و اسهره لمع برق لاح يبدي الوجد من بعيد بسر لا تنكى الجراح ما على ما جرى مزيد صاح إن كنت ذا انتصاح استمع قولي السديد مالك الناس في الملاح أكثر الناس له عبيد دمهم له حلال مباح لا يديهم و لا يقيد ما عليه من أحد جناح يفعل الحسن ما يريد من سلا حبه استراح و هنا عيشه الرغيد و الذي هام فيه طاح في جهاد الهوى شهيد و أنت و أقاصد الرواح من تهامة على البريد سر على اليمن و الفلاح و على الطائر السعيد و أبلغ أحبابنا النزاح من حليف الهوى الأكيد السلام مثل مسك فاح من ثياب الملوك جديد سالم الغش سال و ساح طيب الشم من بعيد و من شعر القاضي أحمد بن محمد بن علي الشوكاني رحمه اللّه: – حياة هذي الدار لمع السراب فاحذر على نفسك سرابك لا تغترر فيها تجاهك حساب عنها فحسبك في حسابك وطّن لنفسك ما يكون الجواب إن قيل خبر ما جوابك و اعلم بأنك إن وقيت العذاب يهون في الدنيا عذابك *** شمر و حصل كل ما ينفعك في حال حلك و ارتحالك و ارفض و باعد كل ما يمنعك و اخشى من الدنيا اغتيالك شاتر تحل عنها و ما به معك منها سوى و اللّه فعالك يكفيك يوم الحشر حتى عتاب فكيف حقك في عتابك *** حمولتك أخشى تكون جايرة ما لك على حملك مقاسم و حصتك إحذر تكون قاصرة تصير عبره للعوالم أترك هواها نفسك الآمرة و كن لها في الكل لايم عنيت أنا نفسي بهذا الخطاب و اين نفسي من خطابك *** فارجع الى مولاك رب العباد من كان جلّ اللّه واحد و أرجو من الرحمن كل المراد و ابشر بتيسير المقاصد و ارفع أكفك بالدعا كم أجاد و اجأر فكم له من عوايد ما دون باب اللّه تعالى حجاب و القلب عنه اكشف حجابك. (26)
بالمَدِّ، و يُقْصَرُ للضَّرُورَةِ‌، كقَوْلِ الشّاعِرِ: لا بُدَّ مِنْ صَنْعَا و إِنْ طالَ السَّفَرْ …… ‌: د، باليَمَنِ‌ قاعِدَةُ مُلْكِهَا، و دَارُ سَلْطَنَتها كَثِيرَةٌ‌ الأَشْجَارِ و المِيَاهِ‌ ، حَتَّى قِيلَ‌: إِنّها تُشْبِهُ دِمَشْق الشّامِ‌، أَي في المُرُوجِ و الأَنْهَارِ. (27)
أَيضاً: صنعاء، ببابِ دِمَشْقَ‌، و النِّسْبَةُ إِليها صَنْعَائِيٌّ‌ ، عَلَى القِيَاسِ‌، أَو النِّسْبَةُ‌ إِليهما صَنْعَانِيٌّ‌ ، بزِيادَةِ النُّونِ عَلَى غَيْرِ قِياسٍ‌، كما قالُوا – في النِّسْبَة إِلى حَرّانَ -: حَرْنَانِيٌّ‌، و إِلى مانِي و عانِى: مَنَانِيّ‌ و عَنَانِيّ‌، كما فِي الصّحاحِ‌، أَي فالنُّونُ بَدَلٌ من الهَمْزَةِ‌، حكاهُ سِيبَوَيْهِ. (28)

المصادر

  1. (معجم البلدان , ج3 , ص425)
  2. (الروض المعطار في خبر الأقطار , ص359)
  3. (المعالم الأثيرة , ص162)
  4. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص483)
  5. (‏قلائد الأجیاد, ص196)
  6. (معجم ما استعجم من أسماء البلاد و المواضع , ج3 , ص843) 
  7. (حدود العالم , ص171)
  8. (آثار البلاد و أخبار العباد , ص50)
  9. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص487)
  10. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص490)
  11. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص493)
  12. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص496) 
  13. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص499) 
  14. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص502) 
  15. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص507)
  16. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص512)
  17. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص515)
  18. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص519) 
  19. (مراصد الإطلاع , ج2 , ص853) 
  20. (الکتاب العزيزي , ص26) 
  21. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص522)
  22. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص528)
  23. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص533) 
  24. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص535) 
  25. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص540)
  26. (مجموع بلدان اليمن , ج3 , ص544) 
  27. (تاج العروس , ج11 , ص286) 
  28. (تاج العروس , ج11 , ص287)

صنعاء القديمة

كاتب ومحرر في الموقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *